تكون قرشية ، فهي وإن كانت وجدت إمّا قرشية أو غيرها ، فلا أصل يحرز أنها قرشية أو غيرها إلا أن أصالة عدم تحقق الانتساب بينها وبين قريش تجدي في تنقيح
______________________________________________________
ولهذا نفى المصنف هذا الأصل وأبدله بأصالة عدم الانتساب الراجع إلى الأصل في العدم المحمولي ؛ لدوران أمر الانتساب فيها حين وجودها بين الوجود والعدم ، فعدم الانتساب عدم محمولي ، ومفاد كان التامة لأجل لحاظه بالإضافة إلى الماهية أعني : ماهية الانتساب.
ثم قد عرفت في المقدمة : أن ما أفاده من جريان الأصل في العدم المحمولي مبني على عدم تعنون العام بعنوان وجودي أو عدمي كالمثال المذكور ، فإن المرأة التي ترى الدم إلى خمسين لم تقيد بقيد عدميّ وهو عدم قرشيتها ، والخاص إنما أخرج المرأة القرشية عن العام ، فالباقي تحت العام بعد التخصيص المرأة المعلوم عدم قرشيتها ، والتي لم يثبت انتسابها إلى قريش. فأصالة عدم الانتساب إليه تثبت فرديّة هذه المرأة للعام ، فتصير محكوما بحكمه ، فعلى هذا المبنى لا يقيد العام بقيد عدميّ إذا كان الخاص أمرا وجوديا كقوله : «كل امرأة ترى الحمرة إلى خمسين إلّا إن تكون امرأة من قريش» ، وكذا لا يقيّد بقيد وجودي إذا كان الخاص أمرا عدميا كقوله : «أكرم العلماء غير الفساق».
وكيف كان ؛ فالتخصيص لا يوجب تعنون العام بعنوان خاص ، فلو صح هذا المبنى لصح استصحاب العدم الأزلي لإحراز دخول الفرد المشكوك في العام ، فيقال في مثال المتن : إن هذه المرأة لم يكن بينها وبين قريش انتساب ، وبعد وجودها يشك في انتقاض عدم الانتساب ، فيستصحب ، ويكفي في إثبات حكم العام ـ أعني : تحيض المرأة إلى خمسين عاما ـ استصحاب عدم الانتساب بينها وبين قريش ؛ إذ المفروض كما عرفت :
أن المرأة المحكومة بالتحيّض إلى خمسين لم تقيد بقيد ، فالمرأة غير القرشية والمرأة التي لم يتحقق انتساب بينها وبين قريش مندرجتان تحت العام ، وعدم الانتساب المزبور يكون بمفاد ليس التامة ، واستصحابه كاف في إدراج المرأة المشكوكة القرشية فيمن تتحيّض إلى خمسين ؛ لما عرفت غير مرّة : من عدم تعنون العام بعنوان خاص.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح استصحاب العدم الأزلي في المقام ، وتركنا ما في المقام من تطويل الكلام رعاية للاختصار. فنكتفي بتوضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية :
قوله : «كان إحراز المشتبه» جواب لمّا في قوله : «لمّا كان غير معنون» المراد بالأصل الموضوعي هو الأصل المنقّح لموضوع العام لإجراء حكمه عليه ، وبهذا الأصل يخرج المقام عن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ؛ لأن هذا الأصل الموضوعي كالعلم بفردية شيء