والتحقيق (١) أن يقال : إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعموميات المتكفلة لأحكام
______________________________________________________
أن يحرم من الكوفة. قال : «فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال» (١). وبهذا المضمون روايات أخرى تركناها رعاية للاختصار.
ومما يدل على صحة الصوم في السفر بالنذر : رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن الرضا «عليهالسلام» قال : سألته عن الرجل يجعل لله عليه صوم يوم مسمى قال : «يصوم أبدا في السفر والحضر» (٢).
ومن الروايات الدالة على عدم جواز الإحرام قبل الميقات : ما رواه الصدوق بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال «عليهالسلام» : «الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لا ينبغي لحاجّ ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها» (٣).
وفي معناه روايات أخرى. ومما يدل على حرمة الصوم في السفر : ما رواه محمد بن الحسن بإسناده عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يقول : لله عليّ أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقل ، فعرض له أمر لا بد له من أن يسافر أيصوم وهو مسافر ، قال «عليهالسلام» : «إذا سافر فليفطر لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيرها والصوم في السفر معصية». (٤)
(١) هذا دفع الوهم المزبور وإزاحة له ، توضيحه يتوقف على مقدمة وهي : أن الحكم الشرعي الثابت لموضوعه لا يخلو عن قسمين ينقسم الثاني إلى قسمين :
الأول : أن يكون ثابتا للشيء بعنوانه الأولي يعني : بالنظر إلى ذاته كالإباحة الثابتة لعنوان الماء والتمر والحنطة ، ونحوها من العناوين الأولية الذاتية.
الثاني : أن يكون ثابتا للشيء بعنوانه الثانوي يعني : بالنظر إلى ما هو خارج عن ذاته ، كعنوان العسر والحرج ، والنذر ، والشرط ، والضرر ، وإطاعة الوالدين وغيرها.
مثلا : إذا كان الوضوء ضرريا : فالحرمة العارضة عليه إنما هو بالنظر إلى عنوانه الثانوي وهو كونه ضرريا ، وإلا فهو في ذاته مستحب ، وكذا عدم الوجوب عارض على الصوم إذا صار حرجيّا وإلا فهو في ذاته واجب في شهر رمضان.
__________________
(١) التهذيب ، ج ٥ ، ص ٥٣ ، ح ٨ ، الاستبصار ، ج ٢ ، ص ١٦٣ ، ح ٨.
(٢) الاستبصار ، ج ٢ ، ص ١٠١ ، ح ٦.
(٣) الكافي ، ج ٤ ، ص ٣١٩ ، ح ٢ / التهذيب ، ج ٥ ، ص ٥٥ ، ح ١٣ / الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣٠٢ ، ح ٢٢.
(٤) التهذيب ، ح ٤ ، ص ٣٢٨ ، ح ٩٠.