العناوين الثانوية ـ فيما شك من غير جهة تخصيصها ـ إذا أخذ في موضوعاتها أحد
______________________________________________________
وكيف كان ؛ فالحكم الثابت للشيء بعنوانه الثانوي على قسمين :
أحدهما : أن يكون ثابتا له مطلقا أي : بدون أن يكون ثبوت الحكم الشرعي بالعنوان الثانوي ، مشروطا بثبوت حكم خاص لذلك الشيء نظرا إلى ذاته وبعنوانه الأوّلي.
وثانيهما : بأن يكون ثبوت الحكم بالعنوان الثانوي للشيء مشروطا بأن يكون ذلك الشيء نظرا إلى ذاته وبعنوانه الأولي محكوما بحكم خاص.
والأول : كالحرمة الثابتة للغنم بعنوان ثانوي وهو عنوان كونها موطوءة ، فإن ثبوتها لها بهذا العنوان غير مشروط بثبوت الإباحة مثلا لها بعنوانها الذاتي الأولي ، يعني : لم تؤخذ الإباحة للغنم بعنوانها الأولي شرطا في ترتب الحرمة عليها بعنوانها الثانوي ـ وهو كونها موطوءة ـ بل الحرمة تترتب عليها إذا صارت موطوءة ، وإن فرض عدم ثبوت أي حكم شرعي لها بعنوانها الأولي أي : قبل صيرورتها موطوءة.
والثاني : كصحة الصوم ، ووجوب صلاة الليل ، والتصدق على الفقراء بالنذر ، وكذا وجوب إطاعة الوالد فإن الحكم الشرعي الثابت للشيء بعنوانه الثانوي في هذه الموارد مشروط بأن يكون ذلك الشيء محكوما بحكم خاص نظرا إلى ذاته ، وبعنوانه الأولي كالرجحان والاستحباب في مثال صحة الصوم ، ووجوب صلاة الليل والتصدق على الفقراء ، والإباحة في وجوب إطاعة الوالدين.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا مجال للتمسك بالعمومات المتكفلة لأحكام العناوين الثانوية إذا كانت الأحكام الثابتة بها للأشياء من القسم الثاني ، وهو أن يكون الحكم الثابت للشيء بعنوانه الثانوي مشروطا ؛ بأن يكون ذلك الشيء محكوما بحكم خاص نظر إلى ذاته وبعنوانه الأولي كمثال صحة الصوم بالنذور ، ووجوب صلاة الليل ، والتصدق على الفقراء به ، وكذا وجوب إطاعة الوالد ، وحينئذ فإذا تعلق النذر بفعل مشكوك الرجحان كالوضوء بالمائع المضاف كان أصل انعقاد النذر مشكوكا ، ومعه لا مجال للتمسك بعموم الوفاء بالنذر لإثبات صحة الوضوء ، وكذا إذا أمر الوالد بفعل محتمل الحرمة كشرب التتن كان تحقق موضوع وجوب الإطاعة ـ وهو كون الفعل مباحا ـ مشكوكا ، ومعه لا معنى للتمسك بعموم الطاعة ؛ لأن التمسك بعموم الوفاء بالنذر في المثال الأول موقوف على إحراز الرجحان. وبعموم الطاعة في المثال الثاني موقوف على إحراز الجواز قبل العموم ؛ إذ لا يمكن إثبات الرجحان والجواز بنفس العموم ؛ لكونه مستلزما للدور الباطل.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح ما أفاده المصنف في إزاحة الوهم تحت عنوان