.................................................................................................
______________________________________________________
وإن لم يكن المخصص اللبي كذلك : فيجوز التمسك بالعام لانعقاد ظهور له ، فهو كالمخصص المنفصل هذا على خلاف ما تقدم منه في المخصص اللفظي ، حيث لم يجوّز المصنف التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ولو كان المخصص منفصلا ، ولكن يجوّز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية في المخصص اللبي إذا كان المخصص اللبي كالمنفصل ، فهناك سؤال يطرح نفسه : ما الفرق بين هذا القسم من اللبي واللفظي المنفصل أي : ما الفرق بين أن يقال : «أكرم جيراني» ، ويحكم العقل بخروج العدوّ ، وبين أن يقال : «أكرم جيراني» ويقال بعد ذلك : «لا تكرم جاري العدوّ» ، حيث يتمسكون بالعام عند الشك في الأول دون الثاني.
فنقول في الجواب عن سؤال الفرق : إنه فرق بينهما وحاصله : أن الملقى من السيد في اللبي حجة واحدة ، فلا بد من اتباعها فيما لا حجة على خلافها ، ولا حجة على خلافها إلا القطع بأنه لا يريد إكرام عدوّه ، فالخارج منه معلوم العداوة ، وأما المشكوك عداوته : فلا بد من العمل فيه بالعموم ؛ لعدم قيام حجة أخرى على خلاف العموم ، هذا بخلاف المخصص اللفظي المنفصل فإن الملقى من السيد حجتان ، ومقتضى تقديم الخاص على العام هو : أن العام لا يعم الخاص من الأول ، فلا يكون حجة إلا فيما سوى الخاص.
وقد استدل المصنف على جواز التمسك بالعام في المشتبه فيما إذا كان المخصص لبيّا بوجوه.
الأول : صحة مؤاخذة السيد للعبد إذا ترك إكرام واحد من الجيران ، لاحتمال العداوة.
الثاني : حسن عقوبته على مخالفته.
الثالث : عدم صحة اعتذار العبد بمجرّد احتمال العداوة.
٣ ـ إحراز المشتبه بالأصل الموضوعي.
وملخّص الكلام في الأصل الموضوعي هو : أن المخصص المنفصل أو المتصل بالاستثناء أو الشرط أو الغاية ـ مثل : «أكرم العلماء إلا فساقهم» ، أو إن عدلوا ، أو إلى أن يفسقوا ـ لم يوجب تعنون العام بعنوان خاص ، فإذا شك في فرد أنه فاسق أو لا فباستصحاب عدم النسبة بينه وبين الفسق من الأزل يخرج الفرد المشتبه عن الخاص ، ويبقى مندرجا تحت العام ، ويترتب عليه حكمه.