.................................................................................................
______________________________________________________
فيما إذا شك في فرد من غير جهة احتمال التخصيص بل من جهة أخرى إذا كان موضوع الحكم الثانوي مقيدا بحكم من أحكام العناوين الأولية ؛ كصحة الصوم في السفر بالنذر مثلا حيث يكون صحة الصوم بعنوانه الثانوي أعني : النذر مشروطة بأن يكون الصوم بعنوانه الأولي راجحا ، فحينئذ لا مجال للتمسك بعموم الوفاء بالنذر ؛ لإثبات صحة الوضوء بالماء المضاف بالنذر ؛ لأن الشك في صحته بالماء المضاف يوجب الشك في أصل انعقاد النذر ؛ لعدم إحراز الرجحان الذي هو شرط لانعقاد النذر.
٦ ـ إذا كانت موضوعات الأحكام محكومة بعناوينها الأولية بغير الأحكام الثابتة لها بالعناوين الثانوية ، فتقع المزاحمة بين المقتضيين ، فيؤثّر أقوى منهما إن كان في البين ، مثلا : إذا فرض وجوب الوضوء بعنوانه الأولي ، وطرأ عليه عنوان الضرر فصار حراما بعنوانه الثانوي ، فيقع التزاحم بين مقتضي الوجوب ومقتضي الحرمة ، ويكون الحكم الفعلي تابعا لأقوى المقتضيين لو كان مقتضى في أحدهما أقوى منه في الآخر ؛ ولو لم يكن كذلك بأن كانا متساويين تساقطا لقبح العقل بالترجيح بلا مرجح ، فيحكم بحكم آخر كالإباحة يعني بها : الإباحة العقلية وهي التخيير في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة.
٧ ـ أما الجواب عن التأييد ـ يعني : صحة الصوم في السفر ، وصحة الإحرام قبل الميقات ـ فهو بوجوه :
الأول : أن يكون ما دل على صحتهما كاشفا عن رجحانهما ذاتا ، وإنما لم يؤمر بهما استحبابا أو وجوبا ؛ لاقتران رجحانهما بمانع لا يرتفع إلا بالنذر.
الثاني : أن يكون ما دلّ على صحتهما بالنذر كاشفا عن صيرورتهما راجحين بالنذر ، بعد ما لم يكونا راجحين ذاتا.
الثالث : أن يكون ما دل على صحتهما بالنذر مخصصا لما دل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر ، فيعتبر في متعلق النذر الرجحان إلا في هذين الموردين.
٨ ـ الإشكال على الوجه الثاني والوجه الثالث من الجواب بما حاصله : أنه لا ريب في أن الوجوب الحادث بالنذر توصلي يسقط بمجرد الإتيان بالمنذور بأيّ داع كان ، كما لا ريب في أن كلا من الصوم والإحرام بعد ما تعلّق بهما النذر يكون عباديا لا يسقط الأمر ولا يحصل الغرض إلا بقصد القربة.