ونظيره (١) من غير الطلب : إنشاء التمليك في الوقف على البطون (٢) ، فإنّ المعدوم منهم يصير مالكا للعين الموقوفة بعد وجوده بإنشائه ، ويتلقى لها من الواقف بعقده ، فيؤثر في حق الموجود منهم الملكية الفعلية ، ولا يؤثر في حق المعدوم فعلا (٣) ؛ إلا استعدادها لأن تصير ملكا له بعد وجوده ، هذا (٤) إذا أنشئ الطلب مطلقا.
______________________________________________________
المحذور الثالث : لزوم عدم استعمال الخطابات القرآنية في معانيها الحقيقية ؛ لأن حقيقة الخطاب : توجيه الكلام نحو الغير الذي يكون قابلا للفهم ، ومن المعلوم : أن أدوات الخطاب وضعت لإنشاء حقيقة الخطاب ، فمع إرادة عموم الألفاظ الواقعة عقيب أدوات الخطاب للمعدومين يلزم التجوّز في تلك الأدوات ، بمعنى : عدم استعمالها في معانيها الحقيقية.
وهذا المحذور يجري في الوجوه الثلاثة ، أما في الأول : فلأنه لو قلنا بصحّة تعلق التكليف بالمعدومين : لزم استعمال أدوات الخطاب المتكفل للتكليف في غير معانيها الحقيقية ، وقد عرفت وجهه.
وأما في الثاني : فلأن لازم صحة خطاب المعدومين : استعمال أدوات الخطاب في غير معانيها ، كما مرّ أيضا. وأما في الثالث : فلأن عموم الألفاظ الواقعة عقيب أدوات الخطاب مستلزم أيضا لاستعمال الأدوات في غير معانيها الحقيقية ، وهو واضح.
وقد أشار إلى المحذور الأول بقوله : «فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدومين عقلا» ، وإلى دفعه بقوله : «فإن الإنشاء خفيف المئونة».
وحاصل هذا الدفع : الالتزام بمرتبة إنشاء الحكم التي يشترك فيها العالم والجاهل ، والقادر والعاجز ، والموجود والمعدوم ، وهذا الإنشاء بعد وجود الشرائط وفقد الموانع ـ يصير فعليا.
(١) أي : ونظير الإنشاء من غير الطلب : إنشاء التمليك في الوقف على البطون المعدومين حين الوقف ، فكما يجوز إنشاء الملكية لهم مع عدمهم ، فكذلك يجوز إنشاء الطلب للمعدومين ، وصيرورته فعليا عند وجودهم.
(٢) أي : الأعم من الموجودين والمعدومين ، فإنشاء التمليك فعليّ بالنسبة إلى الموجودين ، وإنشائي بالنسبة إلى المعدومين ، ويصير فعليا بوجودهم ، ولذا يتلقّون الملك من الواقف بعقد الوقف ؛ لا من البطن السابق.
(٣) قوله : «فعلا» قيد للمعدوم ، فمعنى العبارة : أنه لا يؤثر إنشاء التمليك في حق المعدوم حين الإنشاء إلا استعداد الملكية لأن تصير العين الموقوفة ملكا للمعدوم بعد وجوده. والضمير في «استعدادها» يرجع إلى الملكية ، وضمير «له ، ووجوده» راجعان إلى المعدوم.
(٤) أي : شمول الإنشاء للمعدومين بنحو الشأنية إنما يكون فيما إذا أنشئ الطلب غير