وأما إذا أنشئ مقيّدا بوجود المكلف ووجدانه للشرائط ؛ فإمكانه (١) بمكان من الإمكان.
وكذلك (٢) لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم ؛ بل الغائب حقيقة (٣) وعدم إمكانه ، ضرورة (٤) : عدم تحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة إلا إذا كان موجودا ، وكان بحيث يتوجه إلى الكلام ، ويلتفت إليه.
ومنه (٥) قد انقدح : أن ما وضع للخطاب ـ مثل : أدوات النداء ـ لو كان موضوعا
______________________________________________________
مقيد بوجود المكلف. وأما إذا أنشئ مقيدا به ، وبكونه جامعا للشرائط ، فلا إشكال في إمكانه ، كما إذا قيل : «إذا وجد مستطيع وجب عليه الحج» فإنه لا إشكال ولا ريب في صحة هذا الإنشاء.
(١) أي : فإمكان إنشاء الطلب المنوط بوجود المكلف بمكان من الإمكان.
(٢) هذا إشارة إلى المحذور الثاني من المحاذير الثلاثة ، وحاصله : أنه كما لا ريب في عدم صحة تكليف المعدومين عقلا إلا إذا كان التكليف بمعنى مجرد إنشاء الطلب كما تقدم. توضيح ذلك : كذلك لا ريب في عدم صحة الوجه الثاني ، وهو مخاطبة المعدوم ؛ بل الغائب ، لأخذ تفهيم المخاطب في مفهوم الخطاب كما عن المجمع وغيره ، قال في المجمع :
«الخطاب هو توجيه الكلام نحو الغير للإفهام» ، فصحة الخطاب الحقيقي منوطة بوجود المخاطب ، وقابليته لتوجه الخطاب إليه ، فالمعدوم بل الغائب لا يكون قابلا لتوجيه الكلام إليه.
(٣) يعني : لا يصح خطاب المعدوم ؛ بل الغائب حقيقة ، بل لا يمكن الخطاب كذلك.
(٤) تعليل لعدم صحة خطاب المعدوم ؛ إذ لا يتحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة «إلا إذا كان موجودا ، وكان بحيث يتوجه إلى الكلام ويلتفت إليه» إلى : الكلام. فالمتحصل : أن الوجه الثاني ـ وهو مخاطبة المعدومين ـ غير صحيح ؛ لعدم خلوّه عن المحذور كعدم خلوّ الوجه الأول وهو تكليف المعدوم عنه.
(٥) أي : ومن عدم صحة خطاب المعدوم. وهذا إشارة إلى الوجه الثالث الذي أشار إليه بقوله : «أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب للغائبين ؛ بل المعدومين ، وعدم عمومها لهما» يعني : مما ذكرناه من عدم صحة خطاب المعدوم قد ظهر : أن أدوات النداء وغيرها مما وضع للخطاب لو كانت موضوعة للخطاب الحقيقي وفرض استعمالها في الخطاب الحقيقي لكان العموم الواقع في تلو تلك الأدوات مختصا بالحاضرين ، ولا يشمل المعدومين ؛ لما ذكر من عدم صحة خطاب المعدوم ، والمراد من