للخطاب الحقيقي لأوجب استعماله فيه (١) تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين ، كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره (٢).
______________________________________________________
«مثل أدوات النداء» هو ضمير الخطاب.
(١) يعني : في الخطاب الحقيقي يعني : أوجب استعمال ما وضع للخطاب في الخطاب الحقيقي تخصيص متلوه أعني : العام بالحاضرين. فالنتيجة : أن أدوات الخطاب ـ بناء على وضعها للخطاب الحقيقي ـ لا تشمل المعدومين ؛ إذ لا بد من تخصيص العموم بالحاضرين حتى لا يلزم استعمال الأداة في غير الموضوع له أعني به : الخطاب الحقيقي المختص بالحاضرين.
فقوله : «بالحاضرين» متعلق بقوله : «تخصيص» ؛ لأن الحاضرين هم الذين يصح خطابهم حقيقة.
(٢) أي : في غير الخطاب الحقيقي وضمير «استعماله» راجع إلى «ما وضع للخطاب». وضمير «منه» إلى «ما» في قوله : «ما يقع في تلوه». وضمير «لغيرهم» إلى الحاضرين ، يعني : كما أن قضية إرادة العموم من متلو أدوات الخطاب لغير الحاضرين استعمال تلك الأدوات في غير الخطاب الحقيقي ، إذ لو استعملت في الخطاب الحقيقي لزم أن يكون إرادة غير الحاضرين منها بنحو المجاز أيضا.
وبالجملة : فمع لحاظ وضع الأدوات في الخطاب الحقيقي المختص بالحاضرين ، وعموم الألفاظ الواقعة عقيبها لغير الحاضرين ، لا بد من ارتكاب أحد التّجوزين ؛ إما باستعمال الأدوات في غير المخاطب الحقيقي لتطابق معنى الألفاظ العامة الواقعة بعدها ، وإما باستعمال الألفاظ الواقعة بعدها في غير العموم أي : في خصوص الحاضرين ، لتطابق معنى الأدوات أعني : الخطاب الحقيقي ، وكلا التجوّزين خلاف الأصل. فقوله : «لأوجب استعماله فيه تخصيص ..» إلخ إشارة إلى التجوّز الأول ، وقوله : «كما أن قضية إرادة العموم ..» الخ إشارة إلى التجوّز الثاني.
وكيف كان ؛ فالوجه الثالث من وجوه مورد النزاع أيضا غير خال عن المحذور كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٨٩».
وقد أشار إلى تصحيح الوجه الثالث : بدفع التجوّزين المذكورين ـ أعني : تخصيص عموم الألفاظ الواقعة عقيب الأدوات بالحاضرين ، أو تعميم الأدوات لغير الحاضرين ـ بقوله : «لكن الظاهر ..» إلخ ، وحاصل الدفع : أن هذين المحذورين مبنيان على وضع الأداة للخطاب الحقيقي القائم بالطرفين كالطلب القائم بهما. وأما بناء على وضعها للخطاب الإنشائي : فلا يلزم من إرادة غير الحاضرين منها ، ومن الألفاظ العامة الواقعة بعدها شيء