عدم الاختصاص بهم. ولو سلّم ، فاختصاص المشافهين بكونهم مقصودين بذلك ممنوع ؛ بل الظاهر : أن الناس كلهم إلى يوم القيامة يكونون كذلك وإن لم يعمهم الخطاب ، كما يومئ إليه غير واحد من الأخبار.
______________________________________________________
بالإفهام ، ولم تشملهم الخطابات.
الثانية : أن غير المشافهين للخطابات القرآنية لم يكونوا مقصودين بالإفهام ؛ بأن لا يكون الكتاب العزيز من قبيل تصنيف المصنفين وتأليف المؤلفين ؛ إذ بناء على كونه من قبيل تأليف المؤلفين لا تكون هذه الثمرة صحيحة ، لكون المعدومين حينئذ كالموجودين مقصودين بالإفهام.
وإذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه إذا تمت هاتان المقدمتان اختص قهرا حجية ظواهر الكتاب بالمشافهين فقط ، فتتم حينئذ الثمرة الأولى في المقام ؛ إذ يقال : إنه على القول بعموم الخطابات القرآنية وشمولها لغير المشافهين تكون هي حجة لنا وإلا فلا.
إلّا إن المصنف ردّ على كلتا المقدمتين ، وقد اشار إلى ردّ المقدمة الأولى بقوله : «وقد حقق عدم الاختصاص بهم» أي : بالمقصودين بالإفهام ، فإن المحقق في محله : عدم اختصاص حجّية الظواهر بمن قصد إفهامه ؛ وإن ذهب البعض إلى الاختصاص.
وقد أشار إلى ردّ المقدمة الثانية بقوله : «ولو سلم : فاختصاص المشافهين بكونهم مقصودين بذلك ممنوع» ، وهذا الإشكال راجع إلى منع الصغرى بعد تسليم الكبرى وهي : التفصيل في حجية الظواهر بين المقصود بالإفهام وغيره ، فيقال بحجيّتها في الأول دون الثاني ، بتقريب : أنه كيف يكون المقصود بالإفهام خصوص المشافهين ، مع كون المعدومين مكلّفين بتكاليف المشافهين كالموجودين؟ فنفس الخطاب الحقيقي وإن كان لم يشمل المعدومين لكنهم مقصودون بالإفهام ، كما أشار إليه بقوله : «بل الظاهر : أن الناس كلهم إلى يوم القيام يكون كذلك» أي : مقصودين بالإفهام ، والصواب «يكونون» بدل «يكون» ؛ لرجوع ضميره إلى الناس وهو اسم جمع. «وإن لم يعمّهم الخطاب» بحيث يصح لهم التمسك به في إثبات تكاليفهم ؛ وذلك لما مر سابقا من : امتناع شمول الخطاب الحقيقي للمعدومين ، وهو لا يستلزم عدم كونهم مقصودين بالإفهام أيضا ؛ إذ لا ملازمة بين اختصاص الخطاب بشخص ، وبين اختصاص من قصد إفهامه به «كما يومئ إليه غير واحد من الأخبار» ؛ أي : كما يومئ إلى كونه مقصودين بالإفهام «غير واحد من الأخبار» كحديث الثقلين ، فإن ظاهر الكتاب والسنة لو لم يكن حجة لما كان التمسك بهما مانعا عن الضلال ، فالخطابات الواردة في الكتاب والسنة وإن لم نقل بشمولها للمعدومين ؛ لكنهم مقصودون بالإفهام قطعا.