أو أنها زخرف ، أو إنها ممّا لم يقل بها الإمام «عليهالسلام» ، وإن كانت كثيرة جدا ، وصريحة الدلالة على طرح المخالف ؛ إلا إنه لا محيص عن أن يكون المراد من المخالفة في هذه الأخبار غير مخالفة العموم ؛ إن لم نقل بأنها ليست من المخالفة عرفا ، كيف؟ وصدور الأخبار المخالفة للكتاب بهذه المخالفة منهم «عليهمالسلام» كثيرة جدا ، مع قوة احتمال أن يكون المراد إنهم لا يقولون بغير ما هو قول الله «تبارك وتعالى» واقعا ـ وإن كان (١) هو على خلافه ظاهرا ـ شرحا لمرامه تعالى وبيانا لمراده من كلامه ، فافهم (٢).
والملازمة (٣) بين جواز التخصيص وجواز النسخ به ممنوعة ـ وإن كان مقتضى القاعدة جوازهما ـ لاختصاص النسخ بالإجماع على المنع ، مع وضوح الفرق بتوافر الدواعي إلى ضبطه ، ولذا قلّ الخلاف في تعيين موارده ، بخلاف التخصيص.
______________________________________________________
الذي يمكن تخصيص الكتاب به ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٦٤٦» مع تصرّف ما.
(١) أي : وإن كان قول المعصومين «عليهمالسلام» على خلاف قول الله تعالى ظاهرا ؛ لكنه موافق له واقعا ، وشارح لقوله تعالى ، ومبيّن لمرامه من كلامه «تبارك وتعالى».
قوله : «شرحا» مفعول لأجله يعني : أن مخالفة قولهم «عليهمالسلام» لظاهر كلامه تعالى إنما هو لأجل كونه شارحا لمراده الواقعي.
(٢) لعله إشارة إلى : عدم وجاهة قوله : «مع قوة احتمال أن يكون المراد ..» إلخ. إذ فيه ـ مضافا إلى بعده في نفسه لعدم انسباقه إلى الذهن وعدم قرينة عليه ـ أنه إحالة على المجهول الذي لا يمكن لنا معرفته إلا بدلالة المعصوم «عليهالسلام» ، ضرورة : إنه لا سبيل إلى إحراز الواقع حتى تحرم مخالفته ، مع أن موافقة الكتاب جعلت معيارا لصدق الخبر بعد عرضه على الكتاب ، والمسلّم عرضه على ظاهر الكتاب ؛ إذ العرض على واقع الكتاب غير ممكن لنا بعد وضوح عدم السبيل إلى معرفته.
فالنتيجة : أن قوله : «فافهم» يمكن أن يكون إشارة إلى عدم استقامة هذا التوجيه ؛ لأن جملة من هذه الأخبار صدرت لبيان الضابط لمعرفة الخبر وعلاج المعارضة ، والرواة ليسوا عالمين بالواقعيات حتى يعلموا المخالف من الموافق ، فلا بد من أن يكون مراد الأئمة «عليهمالسلام» مخالفة ظاهر الكتاب ؛ لا خلاف مقصود الله سبحانه.
(٣) هذا رابع الوجوه التي استدل بها المانعون ، وقد عرفت توضيح ذلك ، فلا حاجة إلى التكرار.