يوجد على خلافه دلالة ، ومع وجود الدلالة القرآنية يسقط وجوب العمل به.
كيف؟ وقد عرفت أن سيرتهم مستمرة على العمل به في قبال العمومات الكتابية ، والأخبار الدالة على أن الأخبار المخالفة للقرآن يجب طرحها أو ضربها على الجدار ،
______________________________________________________
فالنتيجة هي : عدم صحة الاستدلال بتلك الأخبار على طرح الخبر المخالف للكتاب مخالفة العموم والخصوص المطلق ، وجواز تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد ، فالأخبار الآمرة بطرح الخبر المخالف لا تمنع عن تخصيص خبر الواحد المخالف بالعموم والخصوص لعموم الكتاب.
الرابع : أنه لو جاز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد جاز نسخه به ، والتالي باطل إجماعا فالمقدم مثله ، والاستدلال بالقياس الاستثنائي إنما يتم عند ثبوت الملازمة بين المقدم والتالي.
وأما الملازمة ـ في محل الكلام ـ فلأن مرجع النسخ أيضا إلى التخصيص لأنهما من واد واحد ؛ إذ النسخ في الحقيقة تخصيص في الأزمان ، والفرق بين النسخ والتخصيص المصطلح : أن الأول : تخصيص في الأزمان ، والثاني : تخصيص في الأفراد.
وأما بطلان التالي : فلأن الإجماع قد قام على عدم جواز النسخ به ، فيدل على عدم جواز التخصيص به.
وقد أجاب المصنف عن هذا الوجه بوجهين :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «ممنوعة» يعني : والملازمة بين جواز التخصيص وجواز النسخ به ممنوعة ؛ بأن عدم جواز النسخ به لقيام الإجماع ، وهو لا يلازم الإجماع على عدم جواز التخصيص به وإن اشتركا في كونهما معا من التخصيص ؛ لوجود الفرق وهو توفّر الدواعي إلى نقل النسخ وضبطه دون التخصيص ، فلا يكتفي في النسخ بالظن دون التخصيص.
وكيف كان ؛ فالإجماع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد هو الفارق بين النسخ والتخصيص ، بمعنى : أنه قام الإجماع على عدم جواز النسخ دون التخصيص.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «مع وضوح الفرق بتوافر الدواعي».
وحاصل هذا الوجه : أن قياس النسخ بالتخصيص مع الفارق ، حيث أن الدواعي لضبط نواسخ القرآن كثيرة ؛ بحيث تصدى لضبطها جلّ الأصحاب ، فلذلك قلّ الخلاف في تعيين موارد النسخ ، فموارد النسخ ثابتة بالتواتر الموجب لعدم الخلاف أو قلّته فيها ؛ وبهذا التواتر يصير خبر الواحد موهونا في إثبات النسخ ؛ إذ لو كان لنقل بالتواتر ، بخلاف التخصيص ، فإن دواعي ضبطه لما لم تكن كثيرة ، فيحصل الوثوق بصدور الخبر