«صلىاللهعليهوآله» الصادع للشرع ربما يلهم أو يوحى إليه أن يظهر الحكم أو استمراره ، مع اطلاعه على حقيقة الحال ، وأنه ينسخ في الاستقبال ، أو مع عدم اطلاعه على ذلك ؛ لعدم إحاطته بتمام ما جرى في علمه «تبارك وتعالى» ، ومن هذا القبيل (١) لعله (٢) يكون أمر إبراهيم بذبح إسماعيل.
وحيث عرفت أن النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعا (٣) ، وإن كان بحسب الظاهر رفعا ، فلا بأس به مطلقا ولو كان قبل حضور وقت العمل ؛ لعدم (٤) لزوم البداء المحال
______________________________________________________
تعالى عين ذاته ، فيمتنع إحاطته «صلىاللهعليهوآله» بعلمه تعالى أيضا ، فبرهان امتناع إحاطته «صلىاللهعليهوآله» بذات الباري تعالى برهان على امتناع إحاطته بعلمه أيضا ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٦٦٠».
(١) أي : من قبيل إنشاء أصل الحكم مع عدم كونه مرادا جديا وإن كان بحسب ظاهر الدليل مرادا كذلك.
(٢) هذا إشارة إلى أنه يمكن أن يكون من هذا القبيل الذي لم يكن النبي «صلىاللهعليهوآله» يعلم بحقيقة الحال ـ أمر إبراهيم بذبح اسماعيل ـ إذ لو علم النسخ لم يكن له كثير ثواب ومدح ؛ إذ الرجل العادي منّا لو علم بنسخ تكليف شاق لم يكن ممدوحا لأجل تهيئة المقدمات.
(٣) أي : بيانا لعدم الحكم من أول الأمر إلا صوريا ؛ «وإن كان بحسب الظاهر رفعا» للحكم الثابت.
قوله : «ولو كان قبل حضور وقت العمل» بيان للإطلاق في قوله : «مطلقا» ـ فلا يعتبر ما ذكره المشهور من الفرق بين النسخ والتخصيص من اشتراط حضور وقت العمل في النسخ.
(٤) تعليل لقوله : «فلا بأس» ، ولزوم البداء إشارة إلى أحد الوجوه التي استدل بها على عدم جواز النسخ ، وحاصله : ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ، ٣ ص ٦٦١» ـ أنه يلزم منه البداء المحال في حقه «تبارك وتعالى».
توضيحه : أنه يستحيل تعلق الإرادة الجدّية بفعل أولا ، وتعلقها بتركه ثانيا ، مع عدم تغيّر الفعل أصلا لا ذاتا ، ولا جهة أي : الجهة التي لها دخل في المصلحة كالسفر والحضر والفقر والغنى وحضور الإمام وغيبته. مثلا : إذا كانت صلاة الجمعة في عصر الحضور واجبة مطلقا ؛ بحيث لا يكون لحضوره «عليهالسلام» دخل في المصلحة الداعية إلى إيجابها وتعلق الإرادة بها ، فلا يمكن تعلق النهي بها حينئذ ؛ لاستلزامه تغيّر الإرادة مع عدم تغيّر في الفعل بما يوجب تغيّرها ، ولذا أنكر بعض النسخ في الشرعيات.