من باب تعدد الدال والمدلول ؛ لا باستعمال المدخول ليلزم فيه المجاز أو الاشتراك ، فكان المدخول على كل حال مستعملا فيما يستعمل فيه الغير المدخول (١).
والمعروف : أن اللام تكون موضوعة للتعريف ومفيدة للتعيين في غير العهد الذهني ، وأنت خبير (٢) بأنه لا تعين في تعريف الجنس إلا الإشارة إلى المعنى المتميّز بنفسه من بين المعاني ذهنا ، ولازمه : أن لا يصح حمل المعرف باللام بما هو معرف على الأفراد ؛ لما عرفت من امتناع الاتحاد مع ما لا موطن له إلا الذهن إلا (٣) بالتجريد ، ومعه (٤) لا فائدة في التقييد ، مع (٥) إن التأويل والتصرّف في القضايا المتداولة في العرف غير خال عن التعسف.
هذا مضافا (٦) إلى أن الوضع لمّا لا حاجة إليه ، بل لا بد من التجريد عنه وإلغائه في
______________________________________________________
(١) يعني : غير مدخول اللام كرجل ، فمعناه قبل وقوعه تلو اللام وبعده واحد وهو الماهية المهملة المبهمة.
(٢) يعني : غرضه : ردّ ما هو المعروف بينهم من وضع اللام للتعريف ، وعدم المساعدة عليه ، لأن التعريف فرع التعين ، ولا تعيّن في تعريف الجنس ؛ إذ لا يتصور فيه تعين إلا تميّزه بما له من الحدود المميّزة له عن المعاني المتصورة الذهنية ، ولا يصح أن تكون اللام لتمييز المعنى كذلك للوجوه السابقة التي عرفت توضيحها.
قوله : «لما عرفت من امتناع الاتحاد مع ما لا موطن له إلا الذهن» تعليل لعدم صحة الحمل ، وقد عرفت توضيح ذلك.
قوله : «مع» متعلق بقوله : «الاتحاد» يعني : أنه يمتنع الاتحاد مع ما لا موطن له إلا الذهن وهو قيد التعين الذي هو من القيود الذهنية.
(٣) استثناء من امتناع الاتحاد ، يعني : أنّ هذا الامتناع يرتفع بالتجريد.
(٤) أي : مع لزوم التجريد في الانطباق لا فائدة في التقييد بالتعين الذهني للزوم إلغائه في مقام الاستعمال والحمل فيكون لغوا.
(٥) هذا إشارة إلى الوجه الثاني من الوجوه السابقة ، وقد عرفت توضيح ذلك سابقا ، لأن تجريد المعنى عن جزئه في القضايا المتداولة في العرف بأن يقال : إنّهم يجرّدون معنى اللفظ عن القيد الذهني ، ثم يحملونه على الفرد الخارجي غير خال عن التعسف ؛ لأنّا إذا راجعنا وجداننا لم نجد هذا التصرف عند الاستعمال ، فيكون هذا التصرف بعيدا عن مذاق العرف بحيث لا ينتقل أذهانهم إلى التصرف المزبور.
(٦) هذا إشارة إلى ثالث الوجوه المذكورة ، وقد سبق توضيح ذلك فراجع.