.. أنه (١) تمامه كي أخلّ ببيانه فافهم.
ثم لا يخفى عليك (٢) : أن المراد بكونه في مقام بيان تمام مراده ، مجرّد بيان ذلك
______________________________________________________
الأفراد مرادية سائر الأفراد حتى يتصف المتيقن بكونه تمام المراد ، فتيقن الرقبة المؤمنة لا ينفي مطلوبية غيرها من أفراد الرقبة حتى يثبت لها وصف التمامية ، فحينئذ لا مانع من التمسك بالإطلاق لإثبات كون الموضوع نفس الطبيعة المقيدة.
(١) يعني : لا بصدد بيان أن المتيقن تمام المراد كي يلزم الإخلال ببيان مراده ؛ لما عرفت من : أنه لو كان بصدد بيان وصف المتيقن بكونه تمام المراد وأطلق لزم الإخلال بغرضه ، وهو بيان وصف التمامية للمتيقن ، فلا بد من الأخذ بالإطلاق ، فاتّضح المراد من قوله : «بصدد بيان تمامه» ، ومن قوله : «لا بصدد أنّه تمامه».
كما اتضح أيضا أن الصواب أن تكون العبارة هكذا «كي يخلّ» أو «كي يكون أخلّ» ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٧٢٠».
فحاصل الفرق ـ بين كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد وبين كونه في مقام بيان أن القدر المتيقن هو تمام المراد بوصف التمامية ـ أنه على الأول يصح الاعتماد على القدر المتيقن ؛ إذ لا يفهم المخاطب إلا القدر المتيقن فقط وهو مراد المتكلم ، فلو أطلق الكلام ولم يرد الشياع لم يخلّ بغرضه ؛ لأن المفروض : أنه بصدد بيان تمام المراد ، وقد بيّنه بواسطة المتيقن في مقام التخاطب.
هذا بخلاف كون المتكلم بصدد بيان أن القدر المتيقن تمام المراد بوصف التمامية ، فلا يجوز الاعتماد على القدر المتيقن ؛ لأن المخاطب إنما يفهم القدر المتيقن ، ولا يفهم وصف التمامية ، فلو أطلق الكلام لكان مخلا بغرضه.
«فافهم» لعله إشارة إلى ما ذكرناه من الفرق ؛ بأن يقال : من كان بالفرض بصدد بيان كون المتيقن هو المراد كفى هذا بيانا لكون المتيقن هو تمام المراد ، هذا بخلاف من كان بصدد بيان كون المتيقن تمام المراد بوصف التمامية ، فلا يكفي هذا بيانا لكون القدر المتيقن تمام المراد بوصف التمامية. فالتيقن في الفرض الأول كما يفيد رفع الإخلال بالغرض ؛ كذلك يكون بيانا لكون المتيقن هو تمام المراد.
(٢) إشارة إلى دفع توهم. أما تقريب التوهم الناشئ عن عبارة الشيخ الأنصاري «قدسسره» في التقريرات ـ وهي قوله فيها : «وإنما حمل على الإطلاق والإشاعة بواسطة عدم الدليل ، فالإطلاق بمنزلة الأصول العملية في قبال الدليل» (١) ـ فحاصله : أنه لا
__________________
(١) مطارح الأنظار ، ج ٢ ، ص ٢٥٩.