.................................................................................................
______________________________________________________
٥ ـ الإشكال على بلوغ الانصراف حد الاشتراك أو النقل.
وحاصل الإشكال : أن بلوغ الانصراف حدّ الاشتراك أو النقل إنما يعقل على مسلك من يرى التقييد مجازا ؛ لأن الاشتراك أو النقل فرع للمجاز بأن يستعمل المطلق في المقيد مجازا ، ويكثر الاستعمال فيه شيئا فشيئا إلى أن يصل حدّ الوضع ، فيحصل الاشتراك أو النقل بأن يصير لفظ الرقبة لكثرة استعماله في الرقبة المؤمنة مشتركا لفظيا بين مطلق الرقبة وبين الرقبة المؤمنة ؛ بل منقولا إلى الرقبة المؤمنة.
وأما على ما هو مختار المصنف من عدم كون التقييد مجازا أصلا : فلا يكاد يحصل ذلك ؛ إذ لا معنى لأن يكثر استعمال المطلق في معناه الموضوع له ، ثم يصير حقيقة في المقيد الذي لم يستعمل فيه المطلق أصلا.
فالانصراف المؤدي إلى الاشتراك أو النقل مجرد فرض لا تحقق له خارجا.
وقد أجاب المصنف عنه بوجهين :
الأول : أن ما تقدم من المختار هو : أن التقييد لا يستلزم التجوّز ، لا أنه لا يمكن التقييد على نحو يوجب التجوّز ، فمن الممكن أن يستعمل المطلق في المقيد مجازا ويكثر ذلك إلى أن يصل حدّ الوضع ، فيحصل الاشتراك أو النقل.
الثاني : منع توقف الاشتراك والنقل على المجازية ؛ لأن كثرة إرادة المقيد من المطلق ـ ولو بنحو تعدد الدال والمدلول ـ ربما توجب مزية أنس للمقيد ، ويشتد هذا الأنس بالاستعمالات إلى أن يصل حدّ الحقيقة في المعنى الثاني ، فيصير مشتركا بين المعنى الأول والثاني ، أو منقولا من المعنى الأول إلى المعنى الثاني.
قوله : «فافهم» لعله إشارة إلى الإشكال في حصول الاشتراك والنقل من كثرة استعمال لفظ المطلق في المقيد بنحو تعدد الدال والمدلول ؛ إذ لا وجه لاستعمال اللفظ في معناه الموضوع له وصيرورته بذلك حقيقة في أمر آخر لم يستعمل فيه اللفظ أصلا حتى يحصل الاشتراك أو النقل.
٦ ـ إذا كان للمطلق جهات عديدة ، وكان المتكلم في مقام البيان من بعض الجهات دون الجميع فلا مانع من التمسك بالإطلاق من الجهة التي كان في مقام بيانها ، دون الجهة الأخرى التي لم تكن مقصودة بالبيان ، فلا يجوز التمسك بإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ) لطهارة موضع عضّ الكلب ؛ وذلك لأنه ليس في مقام بيان الطهارة والنجاسة حتى يصح التمسك بالإطلاق لطهارة موضع العض ، وإنما هو لبيان الحليّة فقط.