اقتضاء خصوص المقام ، واختلاف الآثار والأحكام ؛ كما هو الحال في سائر القرائن بلا كلام ، فالحكمة (١) في إطلاق صيغة الأمر تقتضي أن يكون المراد خصوص الوجوب التعييني العيني النفسي ، فإنّ إرادة غيره تحتاج إلى مزيد بيان ، ولا معنى (٢)
______________________________________________________
الحكمة هي كون الوجوب نوعا خاصا منه وهو الوجوب العيني التعييني النفسي ، الذي ينطبق عليه المطلق.
قوله : «حسب» متعلق بقوله : «اختلاف المقامات» يعني : أن اختلاف المقامات يكون لاختلاف المقتضيات والآثار من حيث الحكم الوضعي والتكليفي ، فإن حلّية البيع تناسب حلية كل بيع لا بيع مجهول عندنا معلوم عند الشارع ، ولا بيع واحد على البدل ، كما أن المناسب للطلب في مثل : «جئني برجل» هو الحمل على العموم البدلي ، فنفس اختلاف الأحكام قرينة على ما يراد من المطلق ؛ إذ لا يمكن إرادة الجامع بين أنواع الوجوب.
قوله : «واختلاف الآثار ..» إلخ عطف على «اقتضاء». أما اقتضاء خصوص المقام ؛ فكصيغة الأمر ، فإن إطلاق الصيغة في مقام الإيجاب يقتضي أن يكون مراد الموجب فردا معينا وهو الوجوب العيني التعييني. وأما اقتضاء الآثار والأحكام : فكلفظ «الرقبة» الدال على موضوع حكم تكليفي في مثل : «أعتق رقبة» ، وكلفظ «البيع» الدال على موضوع حكم وضعي في مثل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، فالأثر الأول مع ضم مقدمات الحكمة الثلاث إلى العلم بعدم إرادة الاستغراق وإمكان إرادة الجامع البدلي يوجب حمل المطلق على العام البدلي ؛ إذ لو لم يرده المتكلم لكان مخلّا بغرضه.
والأثر الثاني بعد ضمّ تلك المقدمات الثلاثة إلى إمكان إرادة الاستغراق ، وعدم مناسبة إرادة الجامع البدلي لمقام الحكم الوضعي ؛ إذ يلزم منه مجعولية بيع واحد ، فإذا صدر عن واحد كان صحيحا ، وإذا صدر ثانيا عنه أو عن غيره كان فاسدا ، وهو كما ترى بديهي البطلان ، «يوجب» حمل المطلق ـ أعني : البيع ـ على العموم الاستغراقي ، والحكم بنفوذ كل بيع صدر عن كل شخص.
والحاصل : أن خصوصية المقامات والأحكام التكليفية والوضعية توجب اختلاف قضية مقدمات الحكمة كما عرفت ، كاختلاف سائر القرائن ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٧٦١».
(١) هذه نتيجة ما ذكره من اختلاف قضية المقدمات.
(٢) أي : لا وجه لإرادة الشياع في الوجوب ـ إذ لا معنى لحمل الطلب على الجامع بين أنواع الوجوب ـ إذ لا جامع بينها لتضادّها وتباينها ، وغرضه : إنه ليس قضية مقدمات