أصليا ، وأمّا إذا كان تبعيا ، فهو وإن كان خارجا عن محل البحث ، لما عرفت أنه في دلالة النهي والتبعي منه من مقولة المعنى ، إلّا إنه داخل فيما هو ملاكه ، فإنّ دلالته على الفساد على القول به فيما لم يكن للإرشاد إليه ، إنّما يكون لدلالته على الحرمة ، من غير دخل لاستحقاق العقوبة على مخالفته في ذلك (١) ، كما توهمه القمّي «قدس سرّه» (*).
ويؤيد ذلك (٢) : أنّه جعل ثمرة النزاع في أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه فساده إذا كان عبادة (**) ، فتدبر (٣) جيّدا.
______________________________________________________
الفساد ـ كما في المعاملات ـ إنما تكون دلالته على الفساد لأجل دلالته على الحرمة التي هي موجودة في النهي التبعي ؛ لا لأجل استحقاق العقوبة على مخالفته حتى يقال إنه منتف في النهي التبعي ، كما ذهب إليه المحقق القميّ «قدسسره» مدعيا لعدم اقتضاء التبعي الفساد قطعا ؛ لانحصار مورد النزاع فيما يترتب عليه العقاب المعلوم انتفاؤه في التبعي.
(١) أي : في الدلالة على الفساد كما توهمه المحقق القمّي «قدسسره» حيث قال في ذيل المقدمة السادسة من مقدمات بحث مقدمة الواجب : «إنّ النهي المستلزم للفساد ليس إلّا ما كان فاعله معاقبا». ثم قال في المقدمة السابعة : «لعدم ثبوت العقاب على الخطاب التبعي» (١). ومن المعلوم : أنّ المستفاد من العبارتين المذكورتين : أن النهي التبعي لا يستلزم الفساد لعدم العقاب على مخالفته.
(٢) أي : كون النهي التبعي داخلا في محل النزاع يعني : يؤيد تعميم النزاع للنهي الغيري التبعي «أنه جعل ثمرة النزاع ...» إلخ. ووجه التأييد : أنّهم جعلوا ثمرة نزاع اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه فساد الضدّ إذا كان عبادة ، فتبطل صلاة من ترك الإزالة المأمور بها ، مع إنّ النهي المتعلق بالضدّ ـ كالصلاة في المثال ـ غيري تبعي ، فيظهر من هذا : دخول النهي التبعي في حريم النزاع ، فما ذكره المحقق القمي «قدسسره» من عدم دخول النهي التبعي في محل النزاع لا يلائم هذه الثمرة.
ثم التعبير بقوله : «ويؤيد» دون «ويدّل» لعلّه لإمكان استناد بطلان الضدّ العبادي إلى عدم الأمر ؛ لا إلى النهي التبعي.
(٣) قوله : «فتدبر جيّدا» تدقيقي بقرينة كلمة «جيّدا». أو إشارة إلى سائر أقسام
__________________
(*) قوانين الأصول ، ج ١ ، ص ١٠٢ ، في المقدمة السادسة والسابعة.
(**) قوانين الأصول ، ج ١ ، ص ١٠١ ، س ٢٤.
(١) قوانين الأصول ، ج ١ ، ص ١٠٢.