.................................................................................................
______________________________________________________
والمصنف قد أشار إلى إمكان كون المسألة لفظية لإنكار بعض الأصوليين الملازمة بين الحرمة والفساد. واعترافه بدلالة النهي على الفساد في المعاملات ، فلو كان النزاع في الملازمة العقلية الّتي لا مساس لها بدلالة اللفظ لكان هذا القائل من النافين ، مع إنّهم عدّوه من المثبتين ، فهذا كاشف عن أنّ النزاع في دلالة اللفظ لا في الملازمة العقلية.
٣ ـ وتوهم التنافي بين جعل هذه المسألة من مباحث الألفاظ ، وبين التزام العلماء بالملازمة بين الحرمة والفساد في العبادات مردود ، وحاصل الرد : إنّه لا ينافي ذلك أن يكون النزاع ـ مع القول بالملازمة بين الحرمة والفساد ـ في دلالة الصيغة على الفساد وعدمها ، غاية الأمر : أنها تدل على الحرمة بالمطابقة ، وعلى الفساد الملازم للحرمة بالالتزام ، فينتفي التنافي بين القول بالملازمة نظرا إلى الدلالة الالتزامية ، وبين القول بدلالة لفظ النهي على الفساد نظرا إلى الدلالة المطابقية.
وبعد إمكان إرجاع البحث في هذه المسألة إلى مباحث الألفاظ لا تقاس بالمسألة السابقة وهي مسألة الاجتماع ؛ لأن مسألة الاجتماع عقلية بخلاف هذه المسألة حيث يمكن جعلها لفظية.
٤ ـ شمول ملاك البحث للنهي التنزيهي بتقريب : أن المتبادر من لفظ النهي وإن كان هو خصوص النهي المولوي التحريمي النفسي إلّا إن المراد به في هذه المسألة أعم منه ، فيشمل التنزيهي والغيري بقرينة عموم ملاك البحث أعني : منافاة المرجوحية لصحة العبادة ؛ لاقتضاء العبادة المحبوبيّة والكراهة المبغوضية. ومن المعلوم : أن التضاد بين الحبّ والبغض أوضح من أن يخفى.
ومع عموم ملاك البحث للنهي التنزيهي لا وجه لتخصيص العنوان بالنهي التحريمي.
وتوهم اختصاص عموم الملاك بالعبادات : لأن المرجوحيّة المستكشفة بالنهي إنّما تنافي صحة العبادة دون المعاملة ـ إذ لا ملازمة بين النهي التنزيهي وبين الفساد فيها ، فيكون عدم الملاك في المعاملات قرينة على إرادة النهي التحريمي من النهي المذكور في العنوان ـ مدفوع بما حاصله : من أن اختصاص عموم الملاك بالعبادات لا يصلح لأن يكون قرينة على إرادة النهي التحريمي في العنوان حتى يكون قرينة على تخصيص النهي في العنوان بالتحريمي ؛ وذلك لكفاية عمومية الملاك في صحة إرادة الأعم من التحريمي ، فلا وجه