الفائدة للإجماع المنقول كالمعدومة ؛ لأنّ القدر الثابت من الاتفاق بإخبار الناقل المستند إلى حسّه ... ليس مما يستلزم عادة وجود الدليل المعتبر حتى بالنسبة إلينا ، لأنّ استناد كل بعض منهم إلى ما لا نراه دليلا ليس أمرا مخالفا للعادة ، ألا ترى أنّه ليس من البعيد أن يكون القدماء القائلون بنجاسة البئر بعضهم قد استند إلى دلالة الأخبار الظاهرة في ذلك مع عدم الظفر بما يعارضها ، وبعضهم قد ظفر بالمعارض ولم يعمل به لقصور سنده أو لكونه من الآحاد عنده أو لقصور دلالته أو لمعارضته لأخبار النجاسة وترجيحها عليه بضرب من الترجيح ، فإذا ترجح في نظر المجتهد المتأخر أخبار الطهارة فلا يضره اتفاق القدماء على النجاسة المستند إلى الامور المختلفة المذكورة.
وبالجملة فالانصاف بعد التأمّل ... إلى أن قال : إنّ اتفاق من يمكن تحصيل فتاويهم على أمر كما لا يستلزم عادة موافقة الإمام عليهالسلام كذلك لا يستلزم وجود دليل معتبر عند الكل من جهة أو جهات شتّى ، فلم يبق في المقام إلّا أن يحصّل المجتهد أمارات أخر من أقوال باقي العلماء وغيرها ليضيفها إلى ذلك ، فيحصل من مجموع المحصّل له والمنقول إليه الذي فرض بحكم المحصّل من حيث وجوب العمل به تعبّدا القطع في مرحلة الظاهر باللازم وهو قول الإمام عليهالسلام أو وجود دليل معتبر الذي هو أيضا يرجع إلى حكم الإمام عليهالسلام بهذا الحكم الظاهري والمضمون لذلك الدليل.
ولكنّه أيضا مبنيّ على كون مجموع المنقول من الأقوال والمحصّل من الأمارات ملزوما عاديا لقول الإمام أو وجود الدليل المعتبر ، وإلّا فلا معنى لتنزيل المنقول منزلة المحصّل بأدلّة حجيّة خبر الواحد (١)
حاصله : هو منع الإجماع المنقول المبتني على الحسّ ودخول الإمام في المجمعين ؛ لندرته ، بل العلم بعدمه ، ومنع استلزام الإجماع المنقول على الحسّ للنصّ التام الدلالة عندنا بحسب العادة ، وهو صحيح وإن كان التعليل لعدم الاستلزام بقوله (لأنّ استناد كل بعض منهم إلى
__________________
(١) فرائد الاصول : ٦٣ ـ ٦٤.