وبعد الحوزات العلميّة بعضها عن بعض وعدم إمكانات الاستخبار لكلّ واحدة بالنّسبة إلى الاخرى.
وعليه فالميسور من الإجماع لا يفيد والمفيد منه معسور أو متعذّر ويمكن الجواب عنه بأنّ الحوزات العلميّة اطّلعوا على آراء المشهورين ومؤلّفاتهم والاستنساخ أمر شائع في ذلك العصر فإذا أجمع العلماء المشهورون على أمر ولم يذكروا الخلاف حصل الحدس القريب بالحسّ باتّفاق الآخرين معهم إذ لو كان رأيهم مخالفا معهم لاطّلعوا عليه وذكروه وأبطلوه فحيث لم يذكروا خلافا علم الاتّحاد والاتّفاق فمن اتفاق الأكابر في الكتب الموجودة يصحّ الحدس بأنّ ذلك الحكم رأي عامّ لكلّ فقيه في ذلك العصر وبعد إحراز الإجماع من القدماء أمكن إحراز إجماع الأصحاب بالحدس القريب إذ لو كانوا مخالفين لظهر ذلك للقدماء لقرب عهدهم بهم ولم يدّعوا في المسائل الفقهيّة قبال العامّة بأنّ دليلنا إجماع الطّائفة أو إجماع الفرقة.
التّنبيه الثّالث :
أنّه لا يخفى عليك أنّ الإجماعات المنقولة ربّما تكون متعارضة والتعارض فيها إمّا من ناحية المسبّب إذا لا يجتمع مثلا الإجماع على حرمة صلاة الجمعة في زمان الغيبة مع الإجماع على وجوبها فيه للعلم بكذب أحدهما فإذا فرضنا أنّ الإجماعين مشمولان لأدلّة حجّيّة الخبر الواحد وسلّمنا كشف الإجماع عن قول المعصوم بالحسّ أو بقريب منه يترتّب على المتعارضين من الإجماعين المنقولين حكم الخبرين المتعارضين من الأخذ بالمرجّحات إن كانت وإلّا فالحكم بالتخيير أو بالتّساقط على القولين في ذلك الباب وإمّا من ناحية السبب كما إذا أريد من الإجماع اتّفاق جميع العلماء فإنّه يقع التعارض بين النقلين المتنافيين لامتناع اتّفاق الكلّ على المتناقضين ويترتّب عليهما حكم المتعارضين بخلاف ما إذا أريد من الإجماع رأي جماعة من العلماء يوجب القطع برأي المعصوم إذ لا تعارض حينئذ من جهة السبب لإمكان صدق كلّ ناقل في نقل وجود آراء جماعة حصل فيها له القطع برأي