الثاني : المسائل التفريعيّة المستنبطة من المسائل الأصلية بإعمال الاجتهاد والنظر.
الثالث : المسائل المتصدية لبيان موضوعات الأحكام وحدودها وقيودها ... إلى أن قال : وإذا عرفت هذا فنقول : الشهرة في النوع الأوّل تكون كاشفة عن تلقّيها عن الأئمة عليهمالسلام وموجبة للوثوق بصدورها عنهم ، بخلاف النوعين الأخيرين ؛ لابتنائهما على إعمال الاجتهاد والنظر ، فلا تفيد الشهرة فيهما شيئا ، بل الظاهر أنّ الإجماع فيهما ايضا غير مفيد ؛ فإنّ الإجماع فيها على وزان الإجماع في المسائل العقليّة النظريّة ، فتدبر. (١)
حاصله : هو حجيّة الشهرة الفتوائية في المسائل الأصلية من القدماء الذين ذكروا فتاواهم في كتبهم بذكر متون النصوص المأثورة فإنّ إجماعهم على المتون في تلك المسائل يوجب الحدس القطعي القريب بالحسّ بصدور المتون المذكورة عن الأئمة عليهمالسلام قال سيدنا الإمام المجاهد قدسسره : لا إشكال في عدم حجيّة الفتوائيّة في التفريعات الفقهيّة الدائرة بين المتأخرين من زمن شيخ الطائفة إلى زماننا هذا ... إلى أن قال : وإنّما الكلام في الشهرة المتقدمة على الشيخ ، أعني الشهرة الدائرة بين قدماء أصحابنا الذين كانت عادتهم التحفظ على الاصول والإفتاء بمتون الرواية إلى أن ينتهي الأمر إلى أصحاب الفتوى والاجتهاد ، فالظاهر وجود مناط الإجماع فيها وكونها موجبة للحدس القطعي على وجود نص معتبر دائر بينهم أو معروفيّة الحكم من لدن عصر الأئمة عليهمالسلام ، كما أشرنا إليه ... (٢)
ولا يخفى عليك أنّ الحدس القطعىّ يوجب القطع بصدور المتون المفتى بها في كتب القدماء عن الأئمة عليهمالسلام ، لا القطع بوجود نص آخر ، وإلّا لورد عليه ما أورد في الإجماع من أنّ النص المذكور وإن كان تاما عندهم سندا ولكن من الممكن أنّه ليس كذلك عندنا ، هذا مضافا إلى أنّ مع وجود المخالف في المشهور كيف يحصل الحدس القطعيّ بوجود نص آخر.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ شذوذ المخالف يوجب عدم اعتناء العقلاء به ، فيحصل معه الحدس المذكور عرفا. لأنّ اقوال النادر كالمعدوم.
__________________
(١) نهاية الاصول : ٥٤٣ ـ ٥٤٤.
(٢) تهذيب الاصول ٢ : ١٠٠ ـ ١٠١.