الكتاب الذين اخفوا شواهد النبوة وبيناتها وكتموا علائم النبي صلىاللهعليهوآله التي بيّنها الله سبحانه لهم في الكتب السالفة ، فلا ترتبط بما نحن بصدده. (١)
ودعوى : أن الكتمان وأن كان هو اخفاء الحقيقة إلّا أنه الاخفاء النسبي لا المطلق ، أي الابراز من ناحية المخبر لا مطلقا ، فمن لا يكون قوله مفيدا للعلم لعدم وثاقته مثلا ايضا يصدق الكتمان على اخفائه للحقيقة. (٢)
مندفعة : بأنّ الكلام ليس في معنى الكتمان ، بل الكلام في أن مورد الآية الكريمة اجنبية عما نحن فيه كما افاده المحقق الاصفهاني قدسسره ، فلا تغفل. فالآية مختصة بوجوب القبول للامور التى حرم كتمانها من الحق والبينات والقبول فيها موقوف على العلم بخلاف المقام.
وثانيا : بأنّ الآية الكريمة لا تتعرّض لبيان حرمة الكتمان حتى يؤخذ بإطلاقها لكونها في مقام بيان ترتّب بعض آثار الكتمان ولذا قال سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره في محكي كلامه ليست الآية بصدد الإطلاق وبيان حرمة الكتمان بل هي بظاهرها تكون بصدد بيان ما يترتب على إخفاء الحق وكتمانه من اللعن وأمّا أنّه يحرم مطلقا أو في بعض الموارد فلا تعرض له فيها وبالجملة ليست الآية بصدد البيان من هذه الجهة فلا يصح الأخذ بالإطلاق وعلى هذا فمن المحتمل اختصاص وجوب الاظهار بما اذا كان هناك رجاء حصول العلم ووضوح الحق بإذاعته وإفشائه. (٣)
ففيه ما عرفت من أن مورد الآية هو ما كان واضحا بنفسه من دون حاجة الى ايضاحه بكثرة الافشاء ، كما لا يخفى.
ومنها ـ أي من الآيات التي استدل بها لحجية الخبر ـ : قوله سبحانه وتعالى (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ
__________________
(١) نهاية الافكار : ج ٣ ص ١٣٠.
(٢) مباحث الحجج : ج ١ ص ٣٨١ ـ ٣٨٢.
(٣) المحاضرات سيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٣٩.