ولكن ذهب جماعة من الأخباريين في الأعصار الأخيرة إلى عدم جواز الأخذ بظواهر الكتاب إذا لم يرد التفسير وكشف المراد عن الحجج المعصومين صلوات الله عليهم واستدلوا عليه بوجوه :
منها : الأخبار الدالة على اختصاص فهم القرآن بالنبيّ والأئمة عليهم الصلاة والسلام : كما في خبر إسماعيل بن مخلّد السراج عن أبى عبد الله عليهالسلام في رسالة طويلة له إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، ومن جملتها : قد أنزل الله القرآن ، وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن وتعلّم أهلا لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأى ولا مقاييس ... وهم أهل الذكر الذين أمر الله الامة بسؤالهم. (١)
وكما في خبر شبيب بن أنس عن بعض أصحاب أبى عبد الله عليهالسلام في حديث أنّ أبا عبد الله عليهالسلام قال لأبي حنيفة : أنت فقيه العراق؟ قال نعم. قال : فبم تفتيهم؟ قال بكتاب الله وسنة نبيّه صلىاللهعليهوآله قال : يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال : نعم. قال : يا أبا حنيفة لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذريّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله ، وما ورثك الله من كتابه حرفا ... الحديث. (٢)
وكما في خبر الاحتجاج عن أبى عبد الله عليهالسلام أنّه قال لأبى حنيفة في احتجاجه عليه : تزعم أنّك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه. (٣)
وكخبر فضيل عن أبى عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) : قال الذكر القرآن ؛ ونحن قومه ، ونحن المسئولون. (٤)
وكصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله
__________________
(١) روضة الكافي : ٥ ـ ٦.
(٢) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٧.
(٣) الوسائل الباب ٦ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢٨.
(٤) الوسائل الباب ٧ من ابواب صفات القاضى ، ح ٢.