بل نفس وجوب الإنذار كاشف عن أنّ الإخبار بالعقاب المجهول إنذار ولا يكون ذلك إلّا إذا كان الإخبار بالعقاب حجّة وإلّا فالإخبار المحض لا يحدث للخوف ولو اقتضاء حتّى يكون مصداقا للانذار حتّى يجب شرعا وممّا ذكر يظهر ما في كلام بعض أساتيذنا من أنّه لم يتبيّن أنّ الغاية هو التحذّر حتّى يتمسّك بإطلاقه لإثبات المطلوب لاحتمال أن يكون احتمال الحذر غاية حتّى يحصل العلم وذلك لما عرفت من أنّ ترتّب التحذّر على نفس الإنذار لا يبقى مجالا لتقدير العلم والإفشاء كما لا يخفى.
لا يقال احتمال وجود المانع في إيجاب الغاية على الغير يمنع عن الجزم بوجوب الغاية وهي التحذّر.
لأنّا نقول إنّ هذا الاحتمال غير سديد لوهنه بعد كون التحذّر مقصدا لوجوب ذي الغاية وعدم وجود مانع معقول فيه.
ودعوى أنّ هذه الآية مربوطة بباب الجهاد من جهة السّياق فإنّ سورة البراءة مرتبطة بالمشركين والجهاد معهم ومن المعلوم أن النّفر إلى الجهاد ليس للتّفقه والإنذار نعم ربّما يترتّبان عليه بعنوان الفائدة كما إذا شاهد المجاهدون في سفر الجهاد آيات الله وظهور أوليائه وغلبتهم على الكفّار بها للفرقة المتخلّفة الباقية في المدينة المنوّرة وعليه فالإنذار ليس غاية للنّفر الواجب حتّى تجب الغاية بوجوب ذيها وهو النفر بل الإنذار من قبيل الفائدة المترتّبة على النّفر إلى الجهاد أحيانا مندفعة بأنه لا دليل على أنّ النفر للجهاد ومجرّد ذكر الآية المباركة في آيات الجهاد لا يدلّ على ذلك بل الظاهر من عنوان التّفقه والإنذار مضافا إلى بعض الرّوايات هو كون النّفر ليس للجهاد.
والقول بأنّ النفر مختصّ بالجهاد ولكن أمر في الآية أيضا بتخلّف جمع ليتفقّهوا وينذروا النّافرين عند رجوعهم عن الجهاد.
خلاف الظاهر فإنّ الضمير في قوله (لِيَتَفَقَّهُوا) راجع إلى النافرين لا إلى الفرقة الباقية