فانحصر الأمر في اختصاص الآية المباركة بالنفر للتفقّه والمعنى أنّ المؤمنين ليسوا بأجمعهم أهلا للنّفر فلو لا نفر من كلّ فرقة وقبيلة منهم طائفة والمستفاد من ذلك أنّ المقتضي لنفر الجميع موجود بحيث لو لم يكن مانع عنه لأمروا جميعا بالنّفر والتّفقه ولكنّهم ليسوا أهلا لذلك لاختلال نظامهم وتفرّق أمر معاشهم وحينئذ فلم لا يجعلون الاحتياج إلى المطالب الدينيّة في عرض سائر احتياجاتهم فيوجّهون طائفة منهم إلى تحصيلها كما يتوجّه كلّ طائفة منهم إلى جهة من الجهات الاخرى المربوطة بأمر المعاش كالزراعة والتجارة ونحوهما فسياق الآية ينادي بأعلى صوته إلى مطلوبية الإنذار والحذر ووجوبهما وهذا هو الظاهر من الآية وتشهد له أخبار كثيرة حيث استشهد الأئمّة عليهمالسلام بالآية لوجوب النفر للتفقّه والتعليم والتعلّم.
إن قلت : إنّ مقتضى ما ذكر هو اختصاص الآية بالنّفر للتفقّه والإنذار المحقّق بقول العادل وإن لم يوجب اليقين والعلم وهذا لا يتناسب مع الرّوايات الواردة في استشهاد الإمام بالآية الكريمة على وجوب معرفة الإمام لأنّ الإمامة ممّا لا تثبت إلّا بالعلم وعليه فالاستناد بالآية لحجّيّة الدّليل الدّيني لا يفيد العلم كالخبر الواحد كما ترى.
قلت : لا مانع من شمول إطلاق التفقّه والإنذار للمعرفة بالحقائق الاعتقادية والإنذار بها أيضا لأنّ هذا الاعتقاد أيضا تفقّه ويكفي ذلك في وجوب الإنذار وهو يكفي في وجوب التحذّر من مخالفة هذا الاعتقاد وإن لم يحصل للمخاطب بنفس الإنذار قطع فإنّ التحذّر في الفقه بالعمل وهو محقّق بنفس إنذار عدل واحد والتحذّر في الاعتقادات بالاعتقاد وحصوله يحتاج إلى تكرار الإنذار والاستماع حتّى يحصل العلم. وبالجملة يختلف التحذّر باختلاف موارد الإنذار وإطلاق الآية يعمّ جميع الموارد وتطبيق الآية على التّفقّه في الأحكام والتّفقّه في المعارف ممّا يشهد على إطلاقها كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الإنذار إمّا مطابقي وإمّا ضمني وكلاهما مشمولان للآية الكريمة وعليه فكلّ رواية تدلّ على حكم من الأحكام الإلزاميّة تدلّ بالدّلالة الضّمنيّة على العقاب وأمّا الأخبار التي