لا إنذار فيها لكون الحكم المذكور فيها غير إلزامي فهي مشمولة للآية الكريمة بعدم القول بالفصل في حجّيّة الأخبار.
ودعوى أنّ المأخوذ في الآية هو عنوان التفقّه وعليه فلا تشمل الآية فيما أنذر الرّاوي بعنوان أنّه أحد من الرّواة فتختصّ الآية بحجّيّة فتوى الفقيه للعامي ولا دلالة لها على حجّيّة خبر العامي مع أنّ الكلام فيها.
مندفعة بأنّ المراد منه من عنوان التفقّه في المقام ليس هو عنوان التفقّه الاصطلاحي بل المراد منه هو التفقه بمعناه اللغوي وهو الفهم والعلم وهو معلوم الحصول باستماع الرّوايات مع المعرفة بمفادها وإن كانت المعرفة مشكّكة وتختلف الرّواة فيها بحسب اختلاف استعداداتهم فإذا كان إخبار العادل في المنذرات حجّة يتعدّى منها إلى غيرها بإلغاء الخصوصيّة.
لا يقال إنّ الآية تكون في مقام النّهي عن النّفر العام كما يشهد له صدر الآية أعني قوله تعالى : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) لا إيجاب النّفر للبعض حتّى يترتّب عليه وجوب التّحذر فالحثّ على لزوم التنجّزيّة وعدم النّفر العام لا على نفر طائفة من كل فرقة للتفقّه.
لأنّا نقول إنّ هذا المعنى أي النّهي عن النّفر العامّ للجهاد متفرّع على أنّ الآية واردة في النّفر للجهاد وقد عرفت أنّه لا معين لذلك ومجرّد كون السورة والآيات السابقة واللاحقة مرتبطة بالجهاد لا يكفي في تعيين هذا المعنى بل لعلّ وجه ذكر هذه الآية في هذا الموضع هو تنبيه المسلمين بلزوم تعلّم أحكام الجهاد.
وليس في المقام رواية صحيحة تدلّ على أنّ النفر للجهاد بل الشواهد الدّاخلية في نفس الآية لا تساعد ذلك إذ الضمير في قوله ليتفقّهوا يرجع إلى النّافرين المذكورين في الصّدر فهو شاهد على أنّ المراد من الصّدر هو النّفر للتّفقّه هذا مضافا إلى أنّ لازم ذلك هو أن يكون المراد من قوله عزوجل بعد الصّدر (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) هو النّفر للجهاد