لا للتّفقّه ومقتضاه هو رجوع الضّمير في قوله ليتفقّهوا ولينذروا قومهم إلى الفرقة الباقية في المدينة مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيدلّ على وجوب تعلّم الفقه والأحكام عليهم على وجوب إنذارهم النّافرين بعد رجوعهم ببيان ما تعلّموا من النبي صلىاللهعليهوآله في غيابهم وهو خلاف الظّاهر فإنّ الطائفة أقرب بالضمير من الفرقة ومقتضاة هو رجوع الضّمير إلى الطائفة النّافرة للتفقّه كما أنّ ارجاع الضمير إلى الفرقة النّافرة للجهاد وإرادة الشهود من التّفقّه بالنّسبة إلى ما رأوه في سفر الجهاد من الغلبة والنصرة وبعض التعليمات النازلة حال الحرب خلاف ظاهر إطلاق التّفقّه في الدين فإنّه أنسب بالرجوع إلى الفرقة النّافرة للتّفقه والتّفقه المطلقة لا يحصل بتمامه وكماله في النفر للجهاد وإن لم يخل النفر للجهاد عن تعلّم بعض الأحكام كما لا يخفى.
فتحصل أنّ النّفر واجب للتّعلم والتفقّه وصدر الآية الكريمة إخبار عن عدم تمكّن جميع المؤمنين من النّفر للتفقّه فمع عدم تمكّنهم للنفر المذكور أوجبه الله سبحانه وتعالى على كلّ طائفة من كلّ فرقة بنحو الوجوب الكفائي ليتفقّهوا ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم وتحذّر قومهم بمجرّد إنذارهم من دون توقّف على شيء آخر من العلم وهذا مساوق لحجّيّة قول المنذر.
لا يقال : إنّه لو كان مفاد الآية وجوب الحذر عند الشكّ لا يكون دليلا على حجّيّة قول المنذر لأنّ الحذر واجب في الشّبهة قبل الفحص بحكم العقل فقول المنذر إنّما ينتج في إبداء الاحتمال وبمجرّد ذلك يجب على المكلّف إمّا الاحتياط أو تعلّم الحكم وبعبارة اخرى كلّ من الخوف والحذر العملي واجب عند الشكّ قبل الفحص ولو لم يكن قول المنذر حجّة شرعا كما دلّ عليه أخبار عديدة مذكورة في محالها.
لأنّا نقول إنّ الإشكال المذكور جار في كلّ أمارة فإنّ الاجتناب عن فعل محتمل الحرمة أو ترك محتمل الوجوب قبل الفحص واجب ومع ذلك أفادت أدلّة الاعتبار حجّيّة الأمارات وخاصية الأمارات تظهر بعد الفحص فإنّها إذا دلّت على حرمة شيء أو وجوب شيء