وجب اتّباعها ولو بعد الفحص فلا يكون اعتبارها لغوا إذ بعد الفحص لا يحكم العقل بوجوب الاحتياط ومفاد الأمارات هو وجوب الاتّباع عنها وأمّا دعوى أنّ ظاهر الآيات مدخليّة كون النافرين جماعة في وجوب النفر ووجوب الإنذار والحذر وحيث يحتمل دخالة تلك الخصوصية في الحكم واقعا للمناسبة المذكورة لا يمكن رفع اليد عنه فلا طريق حينئذ إلى استظهار كون الجمع ملحوظا بنحو الاستغراق وعلى هذا كانت الآية أجنبية عن المدعى ولا ترتبط بإثبات حجّيّة قول المنذر عند الشكّ في قوله هل هو حكم الله الواقعي أو لا بل إنّما كان مفادها وجوب نفر جماعة ليتعلّموا أحكام الله الواقعيّة فينذروا قومهم بها لعلّهم يحذرون من عقاب مخالفة تلك الأحكام أو يحذرون عملا بإتيان واجب الدين وترك محرمه وأين ذلك بما نحن بصدده فهي محل نظر لأنّ لازم اعتبار الجماعة هو عدم وجوب الإنذار إذا نفر جماعة وتفقّهوا ثمّ عرض لهم الموت وبقي واحد منهم وهو ممّا لا يلتزم به أحد هذا مضافا إلى أنّ مقام التعلّم والإنذار قرينة على أنّ المراد من كلّ طائفة هو الاستغراق لا المجموع والجماعة إذ التعلّم والتعليم والإنذار لا يتقيّدان بالجميع والجماعة كما لا يخفى.
ومنها ـ أي من الآيات التي استدلّ بها لحجّيّة المخبر آية الكتمان وهي قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ).
بتقريب أنّ حرمة الكتمان تستلزم وجوب القبول عند الإظهار وإلّا لزم لغويّة تحريم الكتمان ووجوب الإظهار.
اورد عليه أوّلا : بأنّ موردها ما كان فيه مقتضى القبول لو لا الكتمان لقوله عزوجل : (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ) فالكتمان حرام في قبال الواضح والظّاهر على حاله كما يشهد له سوق الآية المباركة فإنّه في اصول الدين والعقائد ردّا على أهل الكتاب حيث أخفوا شواهد النّبوّة والبيّنات لا في قبال الإظهار والملازمة المذكورة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول عند الإظهار لا مورد لها في المقام إذ لا إظهار فيه نعم تجدي الملازمة المذكورة