وبالجملة يستفاد من مجموع هذه الأخبار القطع برضا الأئمّة عليهمالسلام بالعمل بالخبر الواحد وإن لم يفد القطع ثمّ إنّ هذه الأخبار كثيرة إلى حدّ ادّعى في الوسائل تواترها.
ولكن القدر المتيقّن منها هو خبر الثّقة الذي يضعف فيه احتمال الكذب على وجه لا يعتنى به العقلاء ويقبحون التوقّف فيه لأجل هذا الاحتمال كما دلّ عليه لفظ الثّقة والمأمون والصّادق وغيرها الواردة في الأخبار المتقدّمة وهي أيضا منصرف إطلاق غيرها.
بل ولو لم يكن الأخبار متواترة بالاصطلاح كفى كونها مفيدة للاطمئنان بحجّيّة خبر الثّقة ولو لم يكن عادلا هذا.
وأمّا العدالة فأكثر الأخبار المتقدّمة خالية عن اعتبارها بل في كثير منها التّصريح بخلافه مثل ما رواه الشيخ في كتاب العدّة في الأخذ بما روته الثقات عن على عليهالسلام. ولو من رواة العامّة وما ورد في كتب بني فضال ، ومثل عموم التعليل في صحيحة أحمد بن اسحاق لقبول رواية العمري بأنّه الثّقة المأمون فإنّه يفيد الكبرى الكلّي وهي أنّ كلّ ثقة مأمون يسمع له وتطبيق هذه الكبرى على مثل العمري الذي كان في مرتبة عالية من الوثاقة والجلالة لا ينافي كون المعيار هو إفادة الوثوق بالمخبر ولا دخالة لما زاد عليه من المراتب العالية لأنّ ما زاد من خصوصيّات المورد كما لا يخفى وغير ذلك من الأخبار.
وأمّا ما يظهر من الأخبار من حصر الذي يعتمد عليه في أخذ معالم الدين في طائفة الشيعة فهو بالنّسبة إلى غير الثّقة من العامّة فالحصر اضافي ويكون بالنّسبة إلى غير ثقاتهم فلا ينافي ما دلّ على جواز الأخذ من ثقاتهم فيما إذا لم يعارضه ما وصل إلينا من طرقنا.
هذا مضافا إلى أنّ بناء العامّة على العمل بخبر الواحد كان ذلك بمرأى ومسمع الأئمّة عليهمالسلام ومع ذلك لم يردعوا عنه كما دلّ عليه روايات :
منها مرسلة داود بن فرقد حيث قال الإمام الصادق عليهالسلام لابن أبي ليلى فبأيّ شيء تقضي قال بما بلغني عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعن علي وعن أبي بكر وعمر قال فبلغك عن رسول صلىاللهعليهوآله أنّ عليا أقضاكم قال نعم قال فكيف تقضي بغير قضاء علي وقد بلغك هذا ... الحديث.