بدعوى أنّ قول ابن أبي ليلى بما بلغني يدل على أنّ مراده منه البلوغ بنحو الخبر الواحد لقلّة التواتر جدّا ولم يردعه الإمام عليهالسلام عن ذلك بل شبّهه بخبر آخر وصل إليه.
نعم يمكن الإشكال فيه بأنّه لا إطلاق له حيث إنّه في مقام بيان لزوم القضاء بقضاء علي عليهالسلام إلّا أنّ احتمال اشتراط العلم في البلوغ في أخبار العامّة بعيد جدّا بناء الأصحاب أيضا على ذلك كما يدلّ عليه الأخبار فمنها مرسلة شبيب وأبي جميلة البصري وموثّقة إسحاق بن عمّار وخبر علي بن حديد وخبر معمّر بن خلّاد وصحيحة زرارة وخبر سليم بن قيس وغير ذلك من الأخبار الحاكية على أنّ أصحابنا آخذون بخبر الواحد الثّقة ودعوى كون المتيقّن من الرّوايات هو اعتبار خبر العدل لا الثّقة كما يشهد له الارجاع إلى الأعدل في المتعارضين فإنّه حاك عن كون كلّ طرف من أطراف التعارض عدلا هذا مضافا إلى اعتبار عنوان (ثقاتنا) وعنوان (مرضيان) وعنوان (حجّتي) وعنوان (من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه) وعنوان (كلّ مسنّ في حبّنا) وعنوان (كل كثير القدم في أمرنا) فإنّها ظاهرة في اعتبار العدالة وفوقها.
مندفعة بأنّ اعتبار هذه العناوين ليس من جهة دخالتها في حجّيّة الرّواية بل من باب خصوصيّة مورد السّؤال أو من باب علاج الأخبار المتعارضة.
والشاهد على ذلك عدم اعتبار الأصحاب في الأخذ بالرّوايات أن يكون الرّاوي من أصحاب السّر أو ممّن يرضى عنه الأئمّة عليهمالسلام أو أن يكون الرّاوي من الشيعة كما صرّح بذلك الشّيخ الطّوسي في العدّة حيث قال : إنّ الطائفة عملت بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن درّاج والسكوني وغيره من العامة الذين ينقلون الأخبار عن أئمّتنا عليهمالسلام فالمعيار في جواز الأخذ هو الوثوق بالناقل ولو كان عامّيا.
نعم يتقدّم رواية الشّيعي الثّقة على رواية العامّي الثّقة عند التّعارض كما رواه في العدّة عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنّا فانظروا إلى ما رووه (اي ما روته العامّة) عن علي عليهالسلام فاعملوا به.