فتحصّل أنّ مقتضى امعان النّظر في الأخبار هو حجّيّة خبر الثّقات فلا مجازفة في دعوى تواترها بالتّواتر المعنوي بالنّسبة إلى حجّيّة خبر الثّقات ذهب في الكفاية إلى أنّ التّواتر في المقام إجمالي لأنّها غير مقتصر على لفظ أو على معنى حتّى تكون متواترة لفظا أو معنى.
ومعنى التواتر الإجمالي هو العلم بصدور بعضها منهم وقضيّته وإن كانت حجّيّة خبر دلّ على حجّيّة أخصّها مضمونا إلّا أنّه يتعدّى عنه فيما إذا كان بينها ما كان بهذه الخصوصيّة وقد دلّ على حجّيّة ما كان أعمّ.
وقد عرفت كفاية الأخبار المذكورة في إثبات التّواتر المعنوي هذا مضافا إلى أنّ المستفاد من بعضها أنّ خبر الثّقة مفروغ الحجّيّة عند السائل والمسئول عنه وأيضا سيرة الأصحاب على العمل بخبر الثقات ولو كان المخبر من العامّة أو الذين أخطئوا في اعتقاداتهم من فرق الشّيعة.
ثمّ إنّ الأخبار التي دلّت على اعتبار الأعدلية لا تعارض مع الأخبار المذكورة لأنّها في مقام ترجيح أحد المتعارضين على الآخر فلا وجه لجعلها من أدلّة اعتبار العدالة في حجّيّة الخبر هذا مضافا إلى دلالة قوله في المقبولة : (فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثّقات عنكم ...) على أنّ الملاك في حجّيّة خبر الواحد هو كون الرّاوي ثقة كما أنّه لا وجه لجعل الأخبار الواردة في موارد العدول من الأخبار المعارضة بعد كونها معلّلة بكون الملاك في اعتبار أخبارهم هو كونهم من الثّقات المأمونين فلا تغفل.
وينقدح ممّا ذكرنا أنّه لا وجه للقول بتعارض الأخبار وإنّ النّسبة بينها من العموم من وجه والأخذ بالقدر المتيقّن منها وهو الجامع للعدالة والوثاقة كما ذهب إليه في مصباح الاصول وذلك لما عرفت من أنّ مقتضى الإمعان في الرّوايات أنّها غير متعارضة ولا منافاة فيها حتّى تأخذ بالأخص مضمونا والأظهر هو ما ذهب إليه الشّيخ الأعظم قدسسره من ثبوت التّواتر المعنوي على اعتبار خبر الثّقة المأمون.
وعليه فدعوى منع التّواتر المعنوي والأخذ بالتّواتر الإجمالي والأخذ بالخبر الصحيح