وعليه فالخبر الواحد عن الواسطة لا يكون حجة بمقتضى التزام المشهور بعدم حجية خبر الواحد عن الموضوع ، والأخبار التي بأيدينا كلها من هذا القبيل ، فلا تنفع هذه النصوص في اثبات حجيتها لو سلمت دلالتها على الحجية في حد نفسها. (١)
مندفعة :
أوّلا : بأنّ مع الغمض عن ضعف سنده مورد خبر مسعدة بن صدقة هي الموضوعات الصرفة التي لا ارتباط لها مع الحكم بل هي مجرد الموضوع ، وهذا بخلاف المقام فانّ الخبر عن الخبر ينتهي الى نقل الحكم ، وعليه فلا يكون المقام مشمولا لخبر مسعدة بن صدقة ، ولا أقل من الشك ، ومعه فلا يرفع اليد عن عموم الادلة بما هو مشكوك في مفهومه من جهة اختصاصه بمورده أو عدمه.
وثانيا : بأنه لو سلمنا شمول خبر مسعدة بن صدقة للمقام فمقتضى أدلة اعتبار الخبر هو رفع اليد عن خبر مسعدة بن صدقة ؛ لقوة ظهور ادلّة الاعتبار في شمول الخبر مع الواسطة كقوله عليهالسلام : ائت أبان بن تغلب فانه قد سمع مني حديثا كثيرا ، فما رواه لك فاروه عنّي. (٢) ومن المعلوم أنّ الأمر بالرواية عن الرواية من دون شرط. هذا مضافا الى أن قوله عليهالسلام «فارده عنى» يدل على الامر بالرواية عن الرواية وهى الرواية مع الواسطة كما لا يخفى.
وكقوله عليهالسلام : اصنع كذا فاني كذا أصنع في موثقة معاذ بن مسلم النحوي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : بلغني انك تقعد في الجامع فتفتي الناس؟ قلت : نعم واردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج ، اني اقعد في المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء ، فاذا عرفته بالخلاف لكم اخبرته بما يفعلون ، ويجيء الرجل أعرفه بمودتكم وحبّكم فأخبره بما جاء عنكم ، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول جاء عن فلان كذا وجاء عن فلان كذا ، فادخل قولكم فيما بين ذلك. فقال لي : اصنع كذا فاني كذا أصنع (٣) ؛ لظهور قول السائل
__________________
(١) منتقى الاصول : ج ٤ ص ٢٩٦ ـ ٢٩٧.
(٢) الوسائل : الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٠.
(٣) الوسائل : الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، ح ٣٦.