التّنبيه الرّابع :
أمّا الوثوق الفعلي بالصدور بمنزلة العلم بالصدور فكما أنّ العلم حجّة عقلا ولا يحتاج إلى الإمضاء فكذلك ما يقوم مقامه من الوثوق الفعلي ثمّ إنّ العلم والوثوق الفعلي لا يكون مشمولا للآيات النّاهية عن العمل بالظنّ لخروج العلم أو الوثوق الفعلي عنها بالتخصّص.
وعليه فإذا وثقنا وثوقا فعليّا بصدور خبر ولو كان مرسلا أو مسندا بسند ضعيف فالخبر حجّة عقلا ويصلح للاستشهاد إليه للوثوق الفعلي.
ولعلّ من هذا الباب اعتماد الأصحاب على ما روي بسند صحيح عن أصحاب الإجماع لأنّ ذلك يكشف عن احتفاف رواياتهم بقرائن توجب الوثوق الفعلي لهم بصدورها وإن وقع في الطريق غير الثّقات أو كان الطّريق مرسلا أو مرفوعا.
هذا بناء على أنّ معنى اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم بمعنى تحقّق الإجماع على تصحيح المروي لا الرّاوي وحينئذ يكون الإجماع كاشفا عن احتفاف الرّاوي بامور توجب الوثوق الفعلي بوثاقته.
وأيضا يمكن أن يكون من هذا الباب اعتماد الأصحاب على المتون المنقولة في كتب علي بن بابويه وهداية الصّدوق ونهاية الشّيخ وغيرهم فإنّهم اطمأنوا بالاطمئنان الفعلي بصدورها بسبب عمل الأصحاب بها وحينئذ إن حصل لنا ذلك الاعتماد الفعلي فهو حجّة ولعلّ اعتماد جلّ الأصحاب أو كلّهم مع اختلاف مشاربهم واستعداداتهم حاك عن مقرونية المتون أو المروي بالقرائن المحسوسة التي تصلح لإيجاد الوثوق والاطمئنان الفعلي لنا أيضا وإلّا لما أجمعوا عليه مع اختلاف مبانيهم.
التّنبيه الخامس :
أنّه لا يبعد دعوى أنّ الوثوق النوعي بالصّدور ممّا يصلح للاحتجاج عند العقلاء وإن لم يقرن بالوثوق الفعلي أو لم يكن الرّاوي ثقة وذلك لأنّ الوثوق النوعي طريق عقلائي ولذا يصحّ احتجاج الموالي على عبيدهم بذلك ودعوى اختصاص الطريق العقلائي بخصوص