ببركة انحلال العلم الاجمالي الكبير وحكم العقل بالاحتياط في المظنونات (١) ، ويجوز حينئذ الرجوع الى الاصول النافية في غير دائرة المظنونات ؛ لانّ الشك فيها شك بدوي ، ولا يلزم من جريان الاصول النافية فيها خروج عن الدين أو مخالفة عملية ؛ لعدم العلم بالتكليف في دائرة المشكوكات والموهومات بعد انحلال المعلومات بالاجمال في دائرة المظنونات.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه لا دليل على انحلال العلم الاجمالي بالتكاليف في الدائرة الكبيرة بمجرد احتمال انطباقه مع العلم الاجمالي في دائرة المظنونات التي لا دليل على اعتبارها ؛ لمعارضة هذا الاحتمال باحتمال الانطباق ولو بالنسبة الى بعضها في طرف المشكوكات والموهومات ، فدعوى انطباق المعلوم بالاجمال على خصوص العلم الاجمالي في طرف المظنونات بحيث لا يحتمل انطباقه ولو بعضها على طرف الآخر من المشكوكات والموهومات كما ترى ؛ إذ لا ترجيح بينهما بعد عدم اعتبارهما ، فتأمّل.
وأمّا المقدمة الخامسة فلا كلام بالنسبة اليها ؛ لانّ كل مورد يدور الامر فيه بين ترجيح المرجوح على الراجح أو العكس يحكم العقلاء بلزوم ترجيح الراجح على المرجوح وقبح العكس ، وهذه كبرى ثابتة عند العقل والعقلاء.
وحينئذ مع فرض تمامية مقدمات الانسداد ودوران الامر في المقام بين ترجيح الامتثال الظني وبين ترجيح الامتثال الشكي أو الوهمي فلا اشكال في تقديم ترجيح الامتثال الظني على الامتثال الشكي أو الوهمي للقاعدة المذكورة ؛ إذ المفروض أنه لا طريقة للشارع في الامتثال غير طريقة العقلاء ، وعليه فاللازم بعد الاخذ بالعلم التفصيلي والاصول المثبتة هو الرجوع الى التكاليف المظنونة دون المشكوكة أو الموهومة ، هذا اذا لزم من الاحتياط في جميع الاطراف عسر وحرج كما هو المفروض. وإلّا فاللازم هو الاحتياط التام في جميع الاطراف لبقاء العلم الاجمالي بالتكاليف.
ولكن الكلام في تمامية المقدمات المذكورة بالنسبة الى المقام.
__________________
(١) راجع تسديد الاصول : ج ٢ ص ١١٦.