بأنّ المانع من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي هو لزوم المخالفة العمليّة فلا مانع من جريان الاستصحاب في المقام لعدم لزوم المخالفة العمليّة مع فرض كون الاستصحاب مثبتا للتكليف وإن قلنا بأنّ المانع هو نفس العلم الإجمالي بانتقاض الحالة السّابقة ولو لم يلزم المخالفة العمليّة فلا يجري الاستصحاب للتكليف في المقام للعلم بانتقاض الحالة السابقة في الجملة وإن كان الاصول العمليّة نافية فالرّجوع إليها ممنوع فيما إذا كان في الرّجوع إليها محذور الخروج عن الدين أو الإهمال بالنّسبة إلى التكاليف الواقعيّة المعلومة كما هو الظّاهر لكثرة الاصول النافية.
وأمّا المقدّمة الخامسة فلا كلام بالنّسبة إليها لأنّ كلّ مورد يدور الأمر فيه بين ترجيح المرجوح على الراجح أو العكس يحكم العقلاء بلزوم ترجيح الراجح على المرجوح وقبح العكس وهذه كبرى ثابتة عند العقل والعقلاء.
وحينئذ مع فرض تماميّة المقدّمات المذكورة ودوران الأمر بين ترجيح الامتثال الظّني وبين ترجيح الامتثال الشكّي أو الوهمي فلا إشكال في تقديم ترجيح الامتثال الظنّي للقاعدة المذكورة والمفروض أنّه لا طريقة للشارع غير طريقة العقلاء وعليه فاللازم بعد الأخذ بالعلم التفصيلي والاصول المثبتة هو الرجوع إلى التكاليف المظنونة دون المشكوكة أو الموهومة هذا إذا لزم من الاحتياط في جميع الأطراف عسر وحرج كما هو المفروض وإلّا فاللّازم هو الاحتياط التامّ في جميع الأطراف لبقاء العلم الإجمالي بالتّكاليف.
ولكن الكلام في تماميّة المقدّمات وقد عرفت في المقدّمة الثانيّة أنّ العلم الإجمالي في الدائرة الكبيرة ينحلّ بالعلم الإجمالي في الدائرة الصّغيرة وهي دائرة الأخبار إذ مع حجّيّة الأخبار والعلم بوجود تكاليف فعليّة فيها بمقدار المعلوم بالإجمال لا يبقى علم بالتكاليف في غيرها فيجوز الرّجوع فيه إلى الاصول العملية النافية فلا يدور الأمر بين الامتثال الظنيّ والامتثال الشكّي أو الوهمي حتّى يجب ترجيح الظنّي على غيره.
بل اللازم حينئذ هو الأخذ بمفاد الأخبار بعد ثبوت حجّيتها ولا ينتج المقدّمات ترجيح