فقد ذهب السيد المحقّق الخوئي قدسسره الى أنّ النتيجة حينئذ هي التبعيض في الاحتياط ، لا حجية الظن عقلا ولا شرعا حيث قال قدسسره : وملخّص ما ذكرناه في هذا البحث أن انسداد باب العلم والعلمي موقوف على عدم حجية الأخبار سندا ودلالة ، وقد أثبتنا حجيتها سندا ودلالة ، وباثبات حجيتها ينفتح باب العلمي وينحل العلم الاجمالي ، فلا مانع من الرجوع الى الاصول العملية في غير موارد قيام الأخبار.
ومع الغض عن ذلك وتسليم عدم حجية الأخبار كان مقتضى العلم الاجمالي هو الاحتياط والأخذ بجميع الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة الدالة على التكليف ؛ لانّ العلم الاجمالي الأول قد انحل بالعلم الثاني والثاني بالثالث على ما تقدم بيانه ، وهذا الاحتياط لا يوجب اختلال النظام ولا العسر والحرج ؛ فانّ جماعة من أصحابنا الأخباريين قد عملوا بجميع هذه الأخبار ، ولم يرد عليهم الحرج ولا اختل عليهم النظام.
وعلى تقدير تسليم عدم انحلال العلم الاجمالي الأول بدعوى العلم بأنّ التكليف ازيد من موارد الأخبار لا بد من التبعيض في الاحتياط على نحو لا يكون مخلا بالنظام ولا موجبا للعسر والحرج ، فلو فرض ارتفاع المحذور بالغاء الموهومات وجب الاحتياط في المشكوكات والمظنونات ، واذا لم يرتفع المحذور بذلك يرفع اليد عن الاحتياط في جملة من المشكوكات ويحتاط في الباقي منها وفي المظنونات ، وهكذا الى حدّ يرتفع محذور الاختلال والحرج ، ويختلف ذلك باختلاف الاشخاص والازمان والحالات الطارئة على المكلف والموارد ، ففي الموارد المهمة التي علم اهتمام الشارع بها كالدماء والاعراض والاموال الخطيرة لا بد من الاحتياط حتى في الموهومات منها ، وترك الاحتياط في غيرها بما يرفع معه محذور الاختلال والحرج.
فتحصّل : أن مقدمات الانسداد على تقدير تماميتها عقيمة عن اثبات حجية الظن لا بنحو الحكومة ؛ لما عرفت من عدم معقولية حجية الظن بحكم العقل ، إذ العقل ليس بمشرع ليجعل الظن حجة ، وانّما شأنه الادراك ليس إلّا ، فالجعل والتشريع من وظائف المولى ،