فتحصل أنّ الكلام في الاصول العملية يعمّ في الاستصحاب والبراءة والاحتياط أو الاشتغال والتخيير ومحل البحث في هذا المقصد هو هذه الاصول العملية.
ولا ندّعي حصر القواعد المقرّرة للشاك فيما ذكر من الاصول الأربعة لوجود قواعد أخرى تكون من قواعد علم الاصول أيضا ؛ كقاعدة أصالة الحلية وقاعدة أصالة الطهارة وغير ذلك من القواعد المقرّرة للشاك لتعيين الحكم الفرعي الكلي الفعلي.
قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : إنّ عدم ذكر أصالة الطهارة عند الشك في النجاسة في علم الاصول إنّما هو لعدم وقوع الخلاف فيها ، فإنّها من الاصول الثابتة بلا خلاف فيها ولذا لم يتعرّضوا للبحث عنها في علم الاصول لا لكونها خارجة من علم الاصول وداخلة في علم الفقه على ما توهّم.
وخلاصة القول :
أنّ أصالة الطهارة عند الشك في النجاسة بمنزلة أصالة الحلّية عند الشك في الحرمة فكما أنّ البحث عن الثانية داخل في علم الاصول باعتبار ترتب تعيين الوظيفة الفعلية عليه ، كذلك البحث عن الاولى أيضا داخل في علم الاصول لعين الملاك المذكور ، غاية الأمر أنّ مفاد أصالة الحلية هو الحكم التكليفي ، ومفاد أصالة الطهارة هو الحكم الوضعي ، ومجرد ذلك لا يوجب الفرق بينهما من حيث كون البحث عن إحداهما داخلا وعن الأخرى خارجا عنه.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية من أنّ الوجه لعدم التعرض لأصالة الطهارة في علم الاصول عدم اطرادها في جميع أبواب الفقه واختصاصها بباب الطهارة فغير تام ؛ لأنّ الميزان في كون المسألة اصولية هو أن تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الفرعي ولا يعتبر جريانها في جميع أبواب الفقه وإلّا لخرجت جملة من المباحث الاصولية عن علم الاصول ؛ لعدم اطرادها في جميع أبواب الفقه كالبحث عن دلالة النهي عن العبادة على الفساد ، فإنّه غير جار في غير العبادات من سائر أبواب الفقه. (١)
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.