مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟! قال قتادة : اللهمّ نعم. فقال أبو جعفر عليهالسلام : ويحك يا قتادة إن كنت إنّما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت ، وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عزوجل (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ولم يعن البيت فيقول : إليه ، فنحن والله دعوة إبراهيم عليهالسلام التي من هو انا قلبه قبلت حجّته ، وإلّا فلا يا قتادة ، فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة.
قال قتادة لا جرم والله لا فسرتها إلّا هكذا. فقال ابو جعفر عليهالسلام : ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به الاجتياح الإهلاك. (١)
فإنّ هذه الرواية المباركة تدلّ على أنّ محل الكلام بين الإمام عليهالسلام وبين قتادة هو تفسير البطون ؛ لوضوح أنّ الآيات المذكورة غير مرتبطة بمسألة الحجّ ، بل هي شارحة لقصة سبأ ، فقتادة ادّعى العلم بتفسير البطون ، وفسرها بعنوان البطن بمن يريد بيت الله الحرام ، فأورد عليه الإمام عليهالسلام بأنّ «كان آمنا» لا يساعد مع حدوث الحوادث في الطرق ، ثم فسّرها الإمام بمن يريد الذهاب إلى أهل البيت وأنّ المراد من قوله «كان آمنا» هو الأمان من عذاب جهنم يوم القيامة ، واستشهد في ذلك بظهور كلمة إليهم في قول (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) في أنّ المقصود من دعاء إبراهيم هو أهل البيت لا بيت الله ، وإلّا فيقول إليه مكان إليهم. فاتضح من هذه الآية أنّ معنى التفسير هو تفسير البطون لا الأخذ بالظهور ، فمنعه الإمام عن هذا النوع من التفسير وارجعه إلى الأخذ بالظهور بقوله : «ولم يعن البيت فيقول إليه»
وكرواية جابر حيث قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن شيء من التفسير فأجابني ثم سألته عنه ثانيا : فأجابني بجواب آخر فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا فقال : يا
__________________
(١) روضة الكافى ، ٣١١ ـ ٣١٢.