يستفاد من حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فلو دلّ الدليل على لزوم الاحتياط أو التوقّف لصار ذلك نفسه بيانا وواردا على الآية كما على الحكم العقلي فتدبر جيدا.
ومنها : قوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً). (١)
بدعوى أن اسم الموصول في قوله عزوجل (ما آتاها) يشمل ذات التكليف بالإطلاق كما يشمل ذات المال وعليه فتدل الآية على أنّه تعالى لا يؤاخذ ولا يطالب شيئا إلّا إذا آتاه والإيتاء في التكليف بإيصاله إلى المكلّف كما أنّ الإيتاء في المال بإعطائه وإقداره فالآية الكريمة تنفي المؤاخذة بالنسبة إلى التكاليف إذا لم تكن واصلة وهذا هو المطلوب وبعبارة اخرى أنّ إطلاق الموصول يكفي في إثبات عدم تقيّده بالأمر الخارجي كما أنّ إطلاق الإيتاء يمنع عن تخصيصه بالإعطاء فالموصول يشمل ذات الحكم الاعتبارى كما يشمل الأمر الخارجي والإيتاء يشمل الإعلام كما يشمل الإعطاء ويشهد على ذلك خبر عبد الأعلى مولى آل سام عن أبى عبد الله عليهالسلام قال قلت لأبى عبد الله عليهالسلام أصلحك الله هل جعل في الناس أداه ينالون بها المعرفة قال لا (فقال) قلت فهل كلّفوا المعرفة قال لا على الله البيان لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها ولا يكلّف الله نفسا إلّا ما آتاها الحديث فإنّه يدلّ على أنّ الموصول في قوله تعالى ما آتاها يعمّ التكليف بالمعرفة أيضا وعليه فالإيتاء أعمّ من الإقدار والإعلام بقرينة هذه الرواية لأنّ قوله عليهالسلام لا على الله البيان يدلّ على أنّ المراد. من قوله (ما آتاها) هو معنى يشمل البيان والإعلام أيضا. والحاصل أنّ مع إطلاق الموصول والإيتاء ينطبق الآية الكريمة على المقام بلا كلام.
__________________
(١) الطلاق / ٧.