بالنسبة إلى أصل المعرفة بل التكليف متفرع على المعرفة ويجب عليهم أن يقبلوا ما عرفوه من الأحكام الواقعية ويمتثلوها ولا عذاب ولا إضلال بالنسبة إلى ما لم يعرفوا وحجبوا عن علمها فالحجب أو عدم العلم والمعرفة بالأحكام الواقعية يوجب عدم تأثير التكاليف المجهولة ووضعها ورفعها وبعبارة أخرى انّ الظاهر من هذه الأحاديث هو رفع التكليف وعدم الاحتجاج والعقوبة بالنسبة إلى ما لم يتمكنوا من المعرفة به من الأحكام الواقعية لا ما تمكنوا من المعرفة. وقصّروا فيه من جهة عدم الفحص وعدم تعلّمه ولا فرق في رفع التكليف بعدم المعرفة والحجب بين أن بيّنه الله تعالى ولم يصل إلينا أو سكت عن بيانه إلى زمان ظهور الإمام الثاني عشر أرواحنا فداه لأنّ كل ذلك ممّا حجب علمه عن العباد ومما لم يعرفه الناس فهذه الأحاديث تشمل كل حجب وعدم المعرفة.
ودعوى اختصاص الحجب وعدم المعرفة بخصوص ما سكت عنه فلا تشمل ما حجب بواسطة الحوادث والنوازل كضياع الكتب أو كتمان الروايات فيكون تلك الروايات مساوقة لما ورد من أنّ الله سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا ، كما في فرائد الاصول. (١)
مندفعة بأنّ الحجب وعدم التعريف يصدقان أيضا فيما إذا أمكن تجديد البيان ولم يفعل فإنّه تعالى بعد حدوث النوازل وإخفاء الأحكام وإمكان تجديد البيان إذا سكت عنها صدق انه حجب علمه عن من لم يطلع عليها وصدق عدم المعرفة به بالنسبة إلى من لم يصل التكليف إليه ولم يكن مقصرا في ذلك نعم لا يصدقان بالنسبة إلى من عرف وكتم عن تقصير في حفظه كما لا يخفى.
ولقد أفاد وأجاد السيّد المحقق الخوئي قدسسره في جواب الإشكال المذكور حيث قال إنّ الموجب لخفاء الأحكام التي بيّنها الله تعالى بلسان رسوله صلىاللهعليهوآله اوصيائه عليهمالسلام وإن كان هو الظالمين إلّا أنه تعالى قادر على بيانها بأن يأمر المهدي عليهالسلام بالظهور وبيان تلك الأحكام
__________________
(١) فرائد الاصول : ١٩٩.