نقول : إنّ ذلك يتمّ إذا كان دعوى الأخباري إثبات العقوبة على مخالفة نفس إيجاب الاحتياط في قبال الواقع وليس كذلك بل مقصودهم إنّما هو إثبات العقوبة على مخالفة التكليف الواقعي المجهول ومن المعلوم أنّ إثبات السعة من ناحية التكليف الواقعي ينافي إيجاب الاحتياط كما أنّ أدلّة وجوب الاحتياط ليست من باب قيام العلم على الواقع إذ الاحتياط لا طريقة له كما لا يخفى.
ودعوى أنّ شمول موثّقة السكوني «هم في سعة حتى يعلموا» لمثل المقام محل تأمّل لأنّ موردها هو خصوص اللحم وحكمه عليهالسلام بالإباحة إنّما هو من جهة كونه في أرض المسلمين وهي أمارة على التذكية وإن كان مقتضى أصالة عدم التذكية حرمة أكله فمورد الرواية من الشبهة الموضوعية التى تقوم فيه الأمارة على الحلّية ومن المعلوم أنّها أجنبية عن المقام.
مندفعة بأنّه لا قرينة في الرواية على أنّ الطريق في أرض المسلمين حتى يكون ذلك أمارة على التذكية بل السؤال مطلق والإمام عليهالسلام لم يستفصل عن الطريق أنّه طريق المسلمين أو غيره.
اللهمّ إلّا أن يحمل الرواية جمعا بينها وبين ما دل على عدم جواز أكل اللحم من دون إحراز تذكيته على تخصيص هذه الرواية بمورد جريان الأمارة ولكن ذلك لا يضر بجواز الأخذ بالكبرى المذكورة في الموارد التى لا أمارة فيها كحلية الجين وبالجملة حمل الرواية بالنسبة إلى اللحم على مورد قيام الأمارة لا يكون دليلا على حملها بالنسبة إلى سائر الموارد إذ لا شاهد له ثمّ إنّ الرواية تعمّ الشبهة الموضوعية والحكمية كليهما ومجرد تطبيقها على الشبهة الموضوعية لا يوجب تخصيصها بها إذ المورد لا يكون مخصّصا.