«بعينه» كما في موارد العلم الإجمالي (غير المنجز كما كان بعض أطراف المعلوم بالإجمال خارجا عن محل الابتلاء) بدوران الحرمة المجعولة بين شيئين كحرمة الغيبة أو الغناء فإنّه يصدق على مثل ذلك بأنّ كلّا منهما حلال حتى يعرف الحرام بعينه مع كون الشبهة في كل منهما حكمية لا موضوعية. (١)
ولا يخفى عليك أنّ فرض الخروج عن الابتلاء في الشبهات الحكمية كما ترى فإنّ الأحكام مجعولة على موضوعها على نحو ضرب القانون لا القضايا الخارجية والمجتهد لا يمكن له أن يجري البراءة في الشبهات الحكمية بمجرد كون بعض الأحكام خارجا عن محل ابتلاء بعض الآحاد.
هذا مضافا إلى أنّ مثل الغيبة والغناء لا يكونان خارجين عن محل الابتلاء كما هو واضح. نعم يمكن منع اختصاص الاحتراز بصورة العلم بالحرام لا بعينه مع أنّ المفروض في رواية مسعدة كل شيء لك حلال لا كل شيء فيه حلال وحرام وذلك لإمكان أن يكون قيد «بعينه» احترازا عن الحكم بالحرمة بمجرد كون شيء شبيها ونظيرا للحرام الخاص فيصح أن يحكم بكونه حلالا حتى يعرف أنه بعينه حرام وعليه فلا وجه لتخصيص الرواية بالشبهة الموضوعية بل هي أعمّ منها كما ذهب إليه صاحب الكفاية.
هذا مضافا إلى أنه لا باس بكون قيد «بعينه» للتاكيد لأنه شائع بل لعله متعين لأن تخصيص الحديث بموارد العلم الإجمالي يستلزم حمله على النادر إذ الحديث لا يشمل موارد الابتلاء لاستلزام المناقضة ويختص بموارد التي خرج بعض أطرافها عن محل الابتلاء والمفروض أنّ هذه الموارد نادرة ودعوى أنّ الشبهة الموضوعية لا تنفك عن العلم بالحرام لا بعينه مندفعة بأنّ العلم الإجمالي في هذه الموارد منحلة بالموارد المعلومة ويصير الشبهة بدوية كما لا يخفى.
وعليه فكون القيد وهو بعينه لتأكيد النسبة والاهتمام بالعلم بالحرمة أقرب ومعه لا مانع من شمول الحديث للشبهات الحكمية فتدبر جيدا.
__________________
(١) منتقى الاصول ٤ : ٤٢٥.