بحكمه بالنهي عنه وإن صدر عن الشارع ووصل غير واحد مع أنّه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سيما بعد بلوغه إلى غير واحد وقد خفي على من لم يعلم بصدوره. (١)
يمكن الجواب عنه بأن مع العلم بصدور النهي عن الشارع ووصوله لغير واحد لا مجال للتمسك بالرواية لإثبات الإطلاق للعلم بحصول الغاية وأما إذا لم يعلم بصدور النهي عن الشارع ووصوله لغير واحد بل يحتمل ذلك أمكن التمسك باستصحاب عدم ورود النهي وتنقيح موضوع الحديث كما في جميع موارد الاصول المنقحة فيصحّ التمسك بالحديث في مورد يشك فيه من جهة ورود النهي عنه وعدمه.
والقول بأنّ الأخذ بالحديث حينئذ يكون بعنوان أنه مما لم يرد عنه النهي واقعا لا بعنوان أنه مجهول الحرمة شرعا كما في الكفاية.
غير سديد إذ لا يتفاوت في المقصود وهو الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة كان بهذا العنوان أو بذاك العنوان.
وما ذكره في الكفاية من أن الحديث بذلك العنوان لاختص بما لم يعلم ورود النهي عنه أصلا ولا يكاد يعم ما إذا نهى عنه في زمان وأباحه في آخر واشتبها من حيث التقدم والتأخر مع أن البراءة تشمله أيضا.
مندفع بأن هذا لو لا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت مع أنّ هذا نادر جدا لا يقال : إنّ الأخذ بعدم الفصل يجدي فيما إذا كان المثبت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل الاجتهادي لا الأصل. (٢)
لأنا نقول : بعد كون الأصل منقّحا يكون المثبت للحكم بالإباحة في المقام هو الدليل
__________________
(١) الكفاية ٢ : ١٧٧.
(٢) ربما يقال في وجه ذلك أن المراد بالإطلاق في الحديث هو الإباحة الواقعية المغياة بصدور النهي والاستصحاب حكم ظاهري ببقاء تلك الإباحة فليس في البين براءة لا بدليل اجتهادي ولا فقاهتى فلا موضوع للإجماع وعدم القول بالفصل والجواب عنه هو ما أشرنا إليه بأن الحكم بالإباحة ثابت بالدليل الاجتهادي لا الأصل.