يصدر النهي عنه من الشارع وهذا المعنى من الوضوح بمكان كان بيانه لغوا لا يصدر من الإمام عليهالسلام فإنه من جعل أحد الضدين غاية للآخر ويكون من قبيل أن يقال كل جسم ساكن حتى يتحرك.
وكذا المعنى الثاني فإنه وإن كان صحيحا في نفسه إذ مفاد الرواية حينئذ انّ الناس غير مكلفين بالسؤال عن حرمة شيء ووجوبه في زمانه صلىاللهعليهوآله بل هو صلىاللهعليهوآله يبين الحرام والواجب لهم والناس في سعة ما لم يصدر النهي منه إلى أن قال بخلاف غيره من الأزمنة فإنّ الأحكام صدرت منه صلىاللهعليهوآله فيجب على المكلفين السؤال والتعلم إلّا أنّ هذا المعنى خلاف ظاهر الرواية فإنّ ظاهر كل شيء مطلق هو الإطلاق الفعلي والإباحة الفعلية بلا تقييد بزمان دون زمان لا الأخبار عن الإطلاق في زمان النبي صلىاللهعليهوآله وإن كل شيء كان مطلقا في زمانه ما لم يرد النهي عنه فتعين أن يكون المراد من الإطلاق هي الإباحة الظاهرية لا الواقعية.
وعليه فلا مناص من أن يكون المراد من الورود هو الوصول لأنّ صدور الحكم بالحرمة واقعا لا يكون رافعا للإباحة الظاهرية ما لم يصل إلى المكلف فنفس كلمة (مطلق) في قوله عليهالسلام «كل شيء مطلق» قرينة على أن المراد من الورود هو الوصول. (١)
ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره سيدنا الإمام المجاهد قدسسره في وجه ظهور الورود في الوصول أولى مما أفاده السيّد المحقق الخوئي قدسسره. فإنّ دعوى اللغوية في صورة إرادة الإباحة الواقعية في جميع الأزمنة من لفظة الإطلاق وإرادة الصدور من لفظة الورود ليست بصحيحة لإمكان منع اللغوية بإفادة هذه القاعدة رفع الحيرة والحرج عن المكلفين فيجوز ارتكاب الأشياء فيما إذا لم يصدر النهي عن الشارع ومع إفادة هذه القاعدة جواز الارتكاب ونفي الحظر عن الأشياء كيف تكون هذه لغوا.
لا يقال : كيف يحرز عدم صدور النهي عن الشارع لأنا نقول : نحرز ذلك باستصحاب عدم صدور النهي عنه فالاولى هو الاكتفاء بما ذكره سيدنا الإمام المجاهد قدسسره في وجه الظهور.
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٨٠ ـ ٢٨١.