الدليلين أيضا وعليه فالاستدلال بسيرتهم مع قطع النظر عن القاعدة العقلية وثانيا : بأنّ إرجاع سيرة المتشرعة إلى سيرة العقلاء بدعوى بنائهم على تجويز الارتكاب مع قطع النظر عن ملاحظة قبح مؤاخذة الجاهل حتى لو فرض عدم قبحه لفرض العقاب من اللوازم القهرية لفعل الحرام أو فرض المولى في التكاليف العرفية ممن يؤاخذ على الحرام ولو صدر جهلا خلاف المفروض لأنّ الفرض هو استدلالهم بسيرة المسلمين والمتشرعة لا ببناء العقلاء.
هذا ولو سلم انّ مرادهم من السيرة هي سيرة العقلاء فقوله رحمهالله بأنّها مبنية على عدم وجوب دفع الضرر المحتمل منظور فيه لأنّ السيرة العقلائية المذكورة مع عدم الردع عنها تكشف عن عدم وجوب الاحتياط ومن المعلوم أنّ مع عدم وجوب الاحتياط لا يحتمل الضرر الأخروي فالسيرة لا تبتني على إنكار الكبرى بل هي كاشفة عن عدم وجود الصغرى لها في المقام ولا بأس به.
فتحصل انّ دعوى قيام السيرة المتشرعة مع قطع النظر عن القاعدة العقلية أو الإباحة الشرعية ممكنة ولكن إثباتها فرع إحراز عدم استنادهم إلى القاعدة العقلية والشرعية ومع احتمال استنادهم إليهما لا يكشف عن رأي المعصوم عليهالسلام نعم إن قلنا في السيرة المذكورة بمثل ما قلناه في الإجماع من أنّ مع اتصال الإجماع إلى زمان المعصوم وعدم ردعه عن ذلك لا يضر استنادهم إلى الأدلة العقلية أو السمعية في الكشف عن موافقة المعصوم عليهالسلام معهم إذ لو لم يوافق معهم لأرشدهم وحيث لم يرشدهم علم أنّ رأيه كان موافقا لهم أمكن الاكتشاف بالسيرة المتصلة إلى زمان المعصوم ولو مع العلم باستنادهم إلى القاعدتين فضلا عن احتماله لا يقال : إنّ الردع حاصل بمثل أخبار الاحتياط لأنا نقول : هذه الأخبار مضافا إلى أنه لا موضوع لبعضها مع أخبار البراءة معارضة مع أخبار البراءة فتحمل على الاستحباب أو تخصص بغير مورد الشبهة التحريمية وبالجملة أنّ أخبار الاحتياط لا تصلح للردع عن السيرة المذكورة فتدبر.