أو الآخر فإنّ الإجمال متقوم بالتردد وهو ينافي العلم التفصيلي ولا يجتمع معه. (١)
والأولى أن يقال إن كشف تقارن المعلوم بالتفصيل مع المعلوم بالإجمال يوجب انحلاله من الأول لا من حال ورود الأمارات إذ المفروض أنها تكشف عن مؤداها من السابق ولعلّ المراد من السابقية توهمها فتدبر جيدا.
ثم إن الانحلال كما عرفت حقيقي لعدم بقاء العلم الإجمالي في لوح النفس بعد اعتبار الطرق والأمارات الدالة على التكاليف الواقعية بمقدار المعلوم بالإجمال ولا حاجة في ذلك إلى اثبات ان المعلوم بالتفصيل بالطرق والامارات هو عين ما علم بالإجمال بل يكفيه احتمال الانطباق إذ مع هذا الاحتمال لا يبقى علم بالنسبة إلى سائر الأطراف فينقلب القضية المنفصلة الحقيقية إلى قضية بتية وهي في مورد الطرق والأمارات المعتبرة وقضية مشكوكة وهي في سائر الموارد.
قال سيدنا الإمام المجاهد قدسسره : والتحقيق أن يقال إنّ ميزان الانحلال لو كان قائما باتحاد المعلومين مقدارا مع العلم بأن المعلوم بالتفصيل هو عين ما علم بالإجمال لكان لعدم الانحلال وجه (لعدم العلم بالاتحاد المذكور) إلّا أن الميزان هو عدم بقاء العلم الإجمالي في لوح النفس وانقلاب القضية المنفصلة الحقيقية أو المانعة الخلو إلى قضية بتية ومشكوكة فيها أو إلى قضايا بتية وقضايا مشكوكة فيها فلو علم بوجود واجب بين أمرين بحيث لا يحتمل الزيادة حتى يكون القضية منفصلة حقيقية أو مع احتمال الزيادة حتى يكون مانعة الخلو فمع العلم التفصيلي بوجوب بعض الأطراف أو واحد من الطرفين ينقلب القضية إلى قضية بتية أي إلى وجوب واحد معينا وإلى مشكوكة فيها فلا يصح أن يقال إما هذا واجب أو ذاك بل لا بد أن يقال هذا واجب بلا كلام والآخر مشكوك الوجوب وهذا ما ذكرنا من ارتفاع الإجمال الموجود في لوح النفس.
إلى ان قال واحتمال كون المعلوم بالإجمال عين المشكوك فيه الذي خرج عن الطرفية
__________________
(١) تهذيب الاصول ٢ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧.