بالحمل الشائع له إلى أن قال فإذا كان الإنشاء الواقعي المفروض تحققه بداعي جعل الداعي حقيقة فهو بعنوان جعل الداعي بالعرض على أي تقدير ولا يعقل أن يكون كذلك إلّا بنحو وجوده الواصل في وجدان العقل وإلّا ففي صورة احتماله لا يكون داعيا بالعرض على أي تقدير وكذا الأمر بالإضافة إلى عنوان متعلقه فإن جعله داعيا إلى الشرب بعنوانه يستدعي إحداث الشوق إليه بعنوانه لا إلى احتماله وكذا بالإضافة إلى ما أضيف إليه المتعلق عنوانا ومعنونا إلى أن قال ومن جميع ما ذكرنا تبين أن ملاك البراءة عدم فعلية الحكم بعدم الوصول كبرى وصغرى إلى أن قال لا يقال : إتيان المشكوك وإن لم يكن ظلما مذموما عليه إلّا أن مخالفة التكليف المعلوم وعدم الخروج عن عهدته ظلم موجب للذم والعقاب فلزوم ترك المشكوك ليس من حيث نفسه بل من حيث لزوم الخروج عن عهدة التكليف المنجز.
لأنا نقول : بعد تسليم أنّ إتيان هذا المشكوك من حيث كونه مخالفة ذلك التكليف المعلوم ليس ظلما فلا محالة لا يتنجز ذلك التكليف المعلوم إلّا بمقدار يكون مخالفته ظلما وخروجا عن زي الرقية ولا يجب الفراغ عن عهدة ما لا يتنجز بالإضافة إلى شيء بل يجب الفراغ عن عهدة ما كان منجزا له. (١)
حاصله جريان البراءة سواء كان الشك في انطباق مدخول أداة العموم على المائع المردد أو في انطباق طبيعي الترك المطلق على المائع المردد بعد كون المراد من طبيعي الترك المطلق هو الترك الجامع بين التروك الخارجية لا أمرا بسيطا حاصلا من المقدمات الخارجية وذلك لأن الحجة على الكبرى ليست بحجة على الصغرى ومع عدم دلالة الدليل الاجتهادي في حكم المشكوك يرجع فيه إلى البراءة وفيه ما لا يخفى فإنه خروج عن الفرض فإن الكلام فيما إذا كان متعلق النهي هو صرف الوجود لا الترك الجامع قال شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره : أنّ الكلام في هذه الصورة فيما إذا كان المتعلق أمرا بسيطا مأخوذا بنحو الموضوعية لا بنحو المعرفية وما ذكره المحقق الأصفهاني مناسب للثاني لا الأول والموضوعية ترجع إلى المحصل
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٢٣٠ ـ ٢٣٢.