ولذا قال في الكفاية لو كان النهي عن شيء بمعنى طلب ترك كل فرد منه على حدة لما وجب إلّا ترك ما علم أنه فرد وحيث لم يعلم تعلّق النهي إلّا بما علم أنه مصداقه فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة.
فانقدح بذلك أن مجرد العلم بتحريم شيء لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة فيما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كل فرد على حده أو كان الشيء مسبوقا بالترك وإلّا لوجب الاجتناب عنها عقلا ليتحصل الفراغ قطعا. (١)
وثالثها : هو أن يكون النهي أو الزجر متعلقا بمجموع أفراد الطبيعة بحيث لو ترك فردا واحدا امتثل ولو أتى ببقية الأفراد وعليه فيجوز للمكلف ارتكاب بعض الأفراد المتيقنة مع ترك غيره فضلا عن الفرد المشكوك فيه.
والسر في ذلك أن المفسدة في هذا الفرض في مجموع وجودات الفعل في زمان خاص أو مكان خاص فإذا ترك أحد الوجودات لم يأت بالمجموع وتركه ويتحقق الامتثال بذلك.
ثم يقع الكلام في الفرض المذكور في جواز ارتكاب جميع الأفراد المتيقنة وترك خصوص الفرد المشكوك وعدمه.
قال السيّد المحقق الخوئي قدسسره : الظاهر هو الجواز لأنه يرجع إلى الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين في المحرمات وهو على عكس الشك في الأقل والأكثر في الواجبات فإن تعلّق التكليف بالأقل عند دوران الواجب بين الأقل والأكثر هو المتيقن وإنما الشك في تعلّقه بالزائد فيرجع في نفيه إلى البراءة.
وأما في باب المحرمات فتعلق التكليف بالأكثر هو المتيقن إنما الشك في حرمة الأقل لأن الإتيان بالأكثر أعني الأفراد المتيقنة والفرد المشكوك فيه محرم قطعا وأما ارتكاب ما عدا الفرد المشكوك فيه فحرمته غير معلومة والمرجع هو البراءة. (٢)
__________________
(١) الكفاية ٢ : ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ٣٢٥.