ولا يخفى ما فيه فإن الاشتغال بترك مجموع أفراد الطبيعة معلوم وامتثال ذلك بترك خصوص الأفراد المشكوكة غير محرز.
ورابعها : أن يرجع النهي إلى طلب العنوان الانتزاعي عن مجموع التروك الذي عبر عنه في محكي كلام المحقق النائيني قدسسره بالموجبة المعدولة المحمول كقوله كن لا شارب الخمر فهو لا يتحقق إلّا بمجموع التروك فلو شرب الخمر ولو دفعة لم يتحقق هذا العنوان وهو عنوان لا شارب الخمر أو تارك شرب الخمر فإذا شك في مورد أنه مصداق ذلك أو لا لا يجري البراءة لأن الشك في المحصل بعد كون المكلف به هو العنوان البسيط بل اللازم حينئذ هو الاحتياط أخذا بقاعدة الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية هذا كله بحسب مقام الثبوت.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الظاهر من النواهي هو تعلقها بذات الطبائع وهو الصورة الثانية إذ لا تحتاج الصورة الثانية إلى مئونة زائدة بخلاف إرادة صرف الوجود أو مجموع أفراد الطبيعة أو العنوان الانتزاعي فإن هذه الصور محتاجة إلى مئونة زائدة ثم إن الطبيعة في الصورة الثانية ملحوظة بعنوان المرآة إلى أفرادها فينحل النهي إلى الأفراد المعلومة والمشكوكة فيجري البراءة في المشكوكة منها وهكذا الأمر لو تعلّق النهي بالطبيعة على نحو مطلق الوجود أي العام الاستغراقي فإن النهي فيه أيضا ينحل إلى المعلوم والمشكوك فيجري فيه البراءة ومما ذكر في المقام يظهر جواز الصلاة في اللباس الذي شك فيه أنه مما لا يؤكل لحمه وقد حكى شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره إن الميرزا الشيرازي قدسسره ذهب في سابق الزمان إلى وجوب الاحتياط في اللباس المشكوك ولكن عدل عنه في سنتين قبل وفاته قدسسره.
ولكن لقائل أن يقول لا يبعد دعوى ظهور النواهي عن الموانع في المركبات مثل الصلاة في كون متعلقها هو صرف وجود الموانع بمناسبة الحكم والموضوع إذ يكفي في الإخلال أول وجود من الموانع ومعه لا مجال للبراءة بعد كون صرف الوجود ملحوظا بنحو الموضوعية لا الطريقية بل اللازم هو الاحتياط.
اللهمّ إلّا أن يقال : إن النهي في المركبات يمكن أيضا أن يكون بنحو العموم البدلي عن