أما لو قلنا بأن الوجوب فيهما سنخان ففي الواجب التخييري إرادة ناقصة مفادها سد باب اعدام الشيء إلّا في ظرف وجودها هو عدل له.
واما في الواجب التعييني إرادة تامة متكفلة لحفظ وجود الشيء مطلقا ومن قبل جميع اعدامه من دون استثناء فالمتعلق في الواجب التعييني أوسع منه في الواجب التخييري وإن شئت قلت إن الإرادة في التعييني أبسط من التخييري فالشك في أنه تعييني أو تخييري مرجعه إلى الشك في تعلّق الإرادة بحفظ وجود الشيء حتى في ظرف وجود ذلك الذي يحتمل أن يكون عدلا له فعلى هذا يكون مجرى البراءة. (١)
ويمكن أن يقال مع فرض كون الوجوب التعييني والتخييري سنخين فالعبرة بالوجوبين لا بمباديهما ومقتضى العلم الإجمالي بأحدهما هو الاحتياط هذا مضافا إلى أن المبادي بسيطة ولا فرق في الإرادة بين أن تكون متعلقة بالتعييني والتخييري وإن جاز تحليل الإرادة عند الملاحظة بما ذكر من الأبسطية قال المحقق العراقي قدسسره : إن مرجع الشك في كون الشيء واجبا تعينيا أو تخييريا حينئذ إلى العلم الإجمالي اما بوجوب الإتيان بخصوص الذي علم بوجوبه في الجملة وحرمة تركه مطلقا حتى في ظرف الإتيان بما احتمل كونه عدلا له واما بحرمة ترك الآخر المحتمل كونه عدلا له في ظرف عدم الإتيان بذلك ولازم هذا العلم الإجمالي إنما هو الاحتياط بتحصيل الفراغ اليقيني بإتيان خصوص ما علم وجوبه في الجملة ووجوب الإتيان بما احتمل كونه عدلا له عند عدم التمكن من الإتيان بما علم وجوبه لاضطرار ونحوه. (٢)
والتحقيق ان يقال إن مرجع الشك في كون الوجوب تعينيا أو تخييريا هو الشك في جعل التضييق وعدمه فيجري فيه أصالة البراءة ولا فرق فيه بين كون الوجوب فيهما من سنخ واحد أو من سنخين لجريان أصالة البراءة بالنسبة إلى التعيين وليست تلك الأصالة
__________________
(١) منتهى الاصول ٢ : ٢٣٥.
(٢) نهاية الأفكار ٣ : ٢٨٩.